آخر الأخبار

هل شراء الذهب من محلات الصاغة هو الخيار الأمثل؟

شارك

تجتاح العالم اليوم موجة "حمّى الذهب"، إذ يُسابق الملايين الزمن لاقتناء المعدن الأصفر، كلٌّ حسب قدرته وإمكاناته، في ظل ارتفاعات قياسية غير مسبوقة لأسعاره وتوقعات كبيرة باستمرار صعوده خلال الأعوام المقبلة.

وأغلقت أسعار العقود الفورية للذهب في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عند 4002.3 دولار للأوقية، بعدما كانت قد بلغت ذروتها خلال الشهر ذاته عن 4381 دولارا.

ولا يختلف المواطن العربي عن غيره في هذا السباق، إذ يتجه كثيرون إلى شراء الذهب، خصوصا على شكل عملات نقدية كالليرات الرشادية والإنجليزية أو الأونصات الذهبية، لما تتميز به من قدرة على حفظ القيمة عبر الزمن، وغالبا ما يتم الشراء عبر محلات الصاغة المنتشرة في المدن العربية.

لكن يبرز هنا سؤالان مهمّان:


* هل شراء الذهب من محلات الصاغة هو الخيار الأفضل فعلا؟
* وهل هناك بدائل أكثر فائدة أو أقل كلفة؟

الشراء من محلات الصاغة.. الثقة والسهولة مقابل التكلفة

يُفضّل كثير من المستثمرين الأفراد والأسر شراء الذهب من محلات الصاغة لما يوفّره ذلك من ثقة وضمان للأصالة، إذ يمكن للمشتري رؤية القطع وفحصها مباشرة، والتأكد من نقائها ووزنها، كما تتيح هذه الطريقة الشراء الفوري دون وسطاء أو انتظار، وتُقدّم الخبرة الإنسانية المباشرة التي تساعد المشتري على الاختيار بثقة.

مصدر الصورة الذهب بالنسبة للعائلات العربية يُعد رمزا ادخاريا وثقافيا قبل أن يكون مجرد أداة استثمار (رويترز)

ويصف بعضهم التجربة بأنها حسية وفنية تشبه شراء لوحة فنية يجب رؤيتها لتقدير قيمتها.

لكن في المقابل، لهذه الطريقة سلبيات ملموسة، فالسعر في محلات الصاغة عادة أعلى من غيره بسبب رسوم "المصنعية"، التي تمثل ما بين 5% و25% من قيمة الذهب، حسب التصميم والمتجر، إضافة إلى النفقات التشغيلية مثل الإيجارات والرواتب، التي تُحمَّل على الزبون.

كما تُضاف الضرائب على المبيعات في بعض الدول، مما يرفع السعر النهائي على المستهلك.

إعلان

فعلى سبيل المثال، يبلغ سعر غرام الذهب عيار 21 في الأردن -وقت كتابة التقرير- نحو 78.3 دينارا أردنيا (110.4 دولارات) للشراء (المحل يشتري منك)، في حين يبلغ سعر البيع نحو 83.8 دينارا أردنيا (118.2 دولارات) (المحل يبيع لك).

وبذلك يصل الفرق بين السعرين إلى نحو 8 دولارات لكل غرام، وهو فارق يُظهر أن الاستثمار عبر محلات الصاغة قد لا يكون الخيار الأنسب لمن يبحث عن ربح سريع، خاصة في ظل الرسوم والضرائب المضافة.

إلى جانب ذلك، يتطلّب شراء الذهب المادي من المحلات توفّر شروط تخزين آمنة في المنازل أو الخزائن الخاصة، بعيدا عن احتمالات السرقة أو الفقدان، وهو ما يُضيف عبئا إضافيا وجهدا مستمرا على المشتري.

بدائل الشراء.. أدوات استثمارية أكثر مرونة

1- صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب

يتجه المستثمرون الكبار إلى بدائل أخرى أقل كلفة وأكثر كفاءة، أبرزها صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (Gold ETFs)، التي تمكّن المستثمر من تملّك حصة رمزية من الذهب دون الحاجة إلى تخزينه فعليا.

تُتداول هذه الصناديق في البورصات تماما مثل الأسهم ما يمنحها سيولة عالية وسهولة تداول، كما تخلو من المصنعية والتكاليف التشغيلية المرتفعة التي تتحملها محلات الصاغة.

وتوفر هذه الصناديق عدة مزايا:


* تكاليف منخفضة مقارنة بشراء الذهب المادي.
* إمكانية الاستثمار بمبالغ صغيرة تبدأ بسهم واحد فقط.
* سيولة عالية تتيح البيع والشراء في أي وقت خلال ساعات التداول.
* تنويع المخاطر، إذ غالبا ما يعوض أداء الذهب ضعف الأسهم والسندات في فترات التقلب الاقتصادي.

لكن لهذه الصناديق بعض السلبيات أيضا، أهمها:


* المستثمر لا يمتلك الذهب فعليا، بل يمتلك أسهما تمثل جزءا من قيمته.
* الرسوم الإدارية السنوية التي تتراوح عادة بين 0.25% و0.40%، وعلى المدى الطويل، قد تتجاوز هذه النفقات المستمرة التكلفة الإجمالية لشراء الذهب المادي، وفقا لمنصة "سمارت أسِت". مصدر الصورة أسهم شركات تعدين الذهب تمنح المستثمرين تعرضا مضاعفا لتقلبات الأسعار العالمية (شترستوك)

2- شركات تعدين الذهب

خيار آخر هو الاستثمار في أسهم شركات تعدين الذهب، وهي طريقة غير مباشرة لكنها أكثر مخاطرة.

وتتميّز هذه الأسهم بما يسمى "التعرّض المضاعف" لأسعار الذهب ، أي أنها ترتفع بوتيرة أسرع عند صعود المعدن النفيس، لأن إيرادات الشركات تتجاوز تكاليف الإنتاج في فترات الارتفاع، مما يمنحها رافعة مالية تزيد قيمة أسهمها.

غير أن هذا الارتفاع يقابله خطر التراجع الحاد في فترات الهبوط، إذ قد تخسر الأسهم ما بين 30% و50% من قيمتها، نتيجة تقلب الأسعار أو ارتفاع تكاليف التشغيل.

كما تواجه شركات التعدين مخاطر سياسية وتنظيمية متنوعة، كفرض الضرائب المفاجئة أو القوانين البيئية الصارمة، خاصة في الدول النامية، ولذلك، يُنصح بتقييم البيئة القانونية والسياسية لكل دولة قبل الاستثمار.

بين الملموس والرقمي

يبقى القرار بين امتلاك الذهب المادي أو الاستثمار عبر الأدوات المالية قرارا شخصيا يعتمد على أهداف المستثمر ومدى تحمّله المخاطر.

فمن يبحث عن الملكية الملموسة والشعور بالتحكم الكامل في أصوله قد يفضّل الذهب الفعلي رغم كلفته الأعلى، بينما يختار من يسعى إلى سهولة التداول وانخفاض النفقات صناديق الذهب المتداولة أو أسهم التعدين.

إعلان

وفي النهاية، يظل الذهب -سواء في متجر الصاغة أو في السوق المالية- رمزا للأمان ومرآة لحالة القلق والثقة في الاقتصاد العالمي المتقلّب، وأحد أهم الأصول التي تلجأ إليها الشعوب والحكومات في أوقات الاضطراب المالي .

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار