ألبرتا – لا تزال تداعيات الإضراب غير المسبوق لأكثر من 10 آلاف مضيف ومضيفة طيران تابعين لشركة إير كندا ، والذي استمر ثلاثة أيام، تُخلّف الفوضى والارتباك في مطارات كندا الكبرى، حيث تسبب في تعطيل خطط سفر المغادرين والقادمين، وأجبر المسافرين على البحث عن بدائل لرحلاتهم الملغاة.
وانتهى الإضراب بعد مفاوضات شاقة، توصلت نقابة موظفي القطاع العام وإدارة إير كندا إلى اتفاق مبدئي فجر الثلاثاء لإنهاء الإضراب، معلنة عودة طواقم الضيافة إلى العمل بشكل كامل، تماشيا مع متطلبات استئناف العمليات الجوية عبر التحكيم الإلزامي. ومن جهتها، بدأت شركة إير كندا بإعادة تشغيل رحلاتها اعتبارا من مساء الثلاثاء، بعد 4 أيام على إضراب العمل.
وبدأت شركة إير كندا بإعادة تشغيل رحلاتها اعتبارا من مساء الثلاثاء، منوهة بأن عودتها إلى جدولها الطبيعي يتطلب من 7 إلى 10 أيام، بسبب عدم وجود الطائرات وأطقمها في مواقعها، على أن تواصل الشركة إلغاء بعض الرحلات في الأيام المقبلة إلى أن يستقر الجدول الزمني.
ودعت الشركة، في بيان، العملاء الذين لديهم حجوزات مؤكدة ورحلاتهم مدرجة على أنها قائمة إلى التوجه إلى المطار، وأشارت إلى أنها ستقدم خيارات للعملاء الذين أُلغيت رحلاتهم، بما في ذلك استرداد ثمن تذكرة السفر كاملاً أو الحصول على رصيد لاستخدامه في رحلات أخرى مستقبلية، إلى جانب تقديم للعملاء بإمكانية إعادة حجز رحلاتهم على خطوط طيران أخرى إذا كان ذلك متاحاً.
كان الإضراب بدأ فجر السبت الماضي بعد أن فشلت المفاوضات بين إدارة شركة إير كندا ونقابة موظفي القطاع العام في التوصل إلى اتفاق قبل الموعد المحدد للدخول في الإضراب، وتسبب الإضراب الذي يعد الأول من نوعه منذ عام 1985، في إلغاء مئات الرحلات، وترك حوالي 130 ألف مسافر يومياً من بينهم 25 ألف كندي في الخارج، في مواجهة تأخير وإلغاء الرحلات، إذ تسير الشركة التي تعد أكبر ناقل جوي في البلاد ما يقارب من 700 رحلة يومياً.
وعلّقت شركة إير كندا، توقعاتها المالية للربع الثالث من العام بسبب الإضطراب، وكان من المتوقع أن تحقق أرباحاً تتراوح بين 3.2 و3.6 مليار دولار كندي (2.3 مليار دولار أميركي و2.58 مليار دولار) لهذا لعام، لكن الإضراب هدد هذه التقديرات والتوقعات.
ألقت الأزمة بظلالها على الاقتصاد الكندي، إذ حذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار الإضراب لعدة أيام إضافية قد يكبد قطاع السفر والسياحة خسائر بمئات الملايين من الدولارات، ويضعف ثقة المستثمرين في قطاع الطيران الكندي الذي ما زال يتعافى من آثار جائحة كورونا.
كانت نقابة موظفي القطاع العام، تطالب بزيادات مالية تتماشى مع معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، إضافة إلى تعويضات إضافية عن الوقت الذي يقضيه طواقم الضيافة على الأرض بين الرحلات وأثناء صعود الركاب إلى الطائرة، وهو عمل غير مدفوع الأجر من قبل إدارة الشركة قبل انتهاء الإضراب.
في المقابل، عرضت شركة إير كندا رفع إجمالي التعويضات 38% على 4 سنوات، منها 25% في العام الأول، ودفع 50% من الأجر عن بعض الأعمال غير المدفوعة حاليا، الأمر الذي رفضته النقابة واعتبرته عرضا غير كافٍ، طيلة أيام المفاوضات ما قبل الإضراب وما بعد الدخول فيه.
حاولت الحكومة الفيدرالية ، عبر وزيرة العمل باتي هايدو، احتواء الأزمة بإصدار أمر بالتحكيم الإلزامي وإحالة الملف إلى مجلس العلاقات الصناعية الكندي، الذي اعتبر الإضراب "غير قانوني"، وأمر النقابة بالعودة إلى العمل، لكن النقابة رفضت الأمر ورفعت دعوى قضائية ضده.
في صالات المغادرة بمطار كالغاري الدولي في مقاطعة ألبرتا، تكدس المسافرون أمام مكاتب شركة (إير كندا) في محاولة لإيجاد رحلات بديلة أو الاستفسار عن مصير رحلاتهم الملغاة بسبب الإضراب.
وعلى الجانب الآخر من صالة المغادرة، أمام مكاتب شركة (ويست غيت)، الناقل الجوي الثاني في كندا بعد (إير كندا)، اصطف عدد كبير من المسافرين في طوابير انتظار طويلة، حيث انتقل العديد من المسافرين الذين فقدوا رحلاتهم مع الشركة الأكبر بعد توقف الرحلات لأيام.
وخلال جولة الجزيرة نت داخل صالة المغادرة وطوابير الانتظار، روى السائح الإسباني تيمان لوبيث تجربته المؤسفة التي واجهها هو وزوجته خلال زيارتهما لكندا، قائلا: "وصلنا إلى كندا يوم الجمعة الماضية لقضاء 3 أيام سياحية في جبال بانف الخلابة، وكان من المقرر أن نعود إلى إسبانيا يوم الأحد، لكن إضراب مضيفي (إير كندا) تسبب في تعطيل رحلتنا، مما أجبرنا على تمديد إقامتنا في الفندق لأربعة أيام إضافية، وهو ما استنزف مواردنا المالية بشكل كبير".
وأضاف لوبيث، وملامح التعب والاستياء على وجه: "تواصلنا مع إير كندا للبحث عن حل، لكنهم أبلغونا أن الإضراب كان غير قانوني ولم يُعلن عنه مسبقاً من قبل إدارة الشركة، وبالتالي لا يمكنهم تعويضنا، هذا الرد فاجأنا وزاد من إحباطنا، حيث لم نتوقع هذا الموقف من شركة بهذا الحجم".
وأشار لوبيث إلى أن محاولاته لحجز رحلة عودة عبر شركات طيران كندية أخرى باءت بالفشل بسبب الأسعار الباهظة، قائلاً: "طُلب منا دفع 13 ألف دولار كندي (9348 دولار أميركي) لتذكرة في اتجاه واحد، وهو مبلغ مرتفع للغاية وغير مقدور عليه بالنسبة لنا".
الأختان ين وجن من تايوان تحدثتا إلى الجزيرة نت عن معاناتهما، قائلتين: "وصلنا إلى كالغاري لقضاء إجازتنا السياحية، وكان من المقرر أن نكون في تايوان الآن، لكن إضراب مضيفي الطيران تسبب في تأجيل رحلتنا، مما أجبرنا على تمديد إقامتنا في الفندق لثلاثة أيام إضافية، وهو ما كبّدنا خسائر مالية كبيرة".
وأضافتا، معربتين عن إحباطهما: "عندما سمعنا اليوم الثلاثاء باستئناف عمليات إير كندا بعد التوصل إلى اتفاق مبدئي مع النقابة، هرعنا إلى المطار لتأمين حجز عاجل للعودة إلى تايوان، ونأمل أن نجد مقاعد متاحة لنتمكن من العودة قبل انتهاء إجازتنا، حتى لا نُعرّض دراستنا في تايوان للخطر".
وأشارتا إلى أن إير كندا لم تقدم أي تعويض عن التكاليف الإضافية التي تكبدتاها بسبب تمديد الإقامة، "نشعر بخيبة أمل كبيرة من موقف الشركة، ونخطط لمناقشة الأمر مع موظفي إير كندا عند وصولنا إلى مكتب الحجز، على أمل الحصول على تعويض يعكس الإزعاج الذي تعرضنا له".
ومع عودة الحركة إلى مطارات تورونتو ومونتريال وفانكوفر وكالغاري وبيرسون، يترقب المسافرون استقرار الجدول الزمني بعد أيام من الفوضى.
ويبقى تصويت النقابة على الاتفاق خطوة حاسمة لضمان استمرار الحل، فيما يأمل القطاع الاقتصادي أن يعزز هذا الاتفاق الثقة في قطاع الطيران الكندي، خاصة في ظل التحديات التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة .