مخترع المظلة.. حاول انقاذ حياة الطيارين ففقد حياته

ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، شهد مجال الطيران تقدما ملحوظا حيث نجحت العديد من الطائرات في التحليق لمسافات هامة جاعلة بذلك حلم الطيران حقيقة بالنسبة للبشرية. وخلال التجارب التي أجريت من أجل التحليق والارتفاع عن سطح الأرض، فارق العديد المخترعين الحياة أثناء تجربة نماذج الطائرات التي ابتكروها.

مصدر الصورة

رسم تخيلي لحادثة قفز رايشلت

وأمام هذه الكوارث الجوية التي أودت بحياة العديد ممن حاولوا الطيران، اتجه عدد من المخترعين للتفكير بطريقة لإنقاذ حياة الطيارين قبل تعطب الطائرة وتحطمها. ومن ضمن هؤلاء المبتكرين، يذكر التاريخ المخترع الفرنسي النمساوي فرانز رايشلت (Franz Reichelt) الذي حاول ابتكار نموذج فريد من نوعه لمظلة القفز.

فكرة لإنقاذ حياة الطيارين

خلال العام 1900، انتقل فرانز رايشلت، المولود يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر 1878، للعيش بالعاصمة الفرنسية باريس. وخلال العام 1911، حصل الأخير بشكل رسمي على الجنسية الفرنسية ليصبح بذلك مواطنا من ذوي الجنسية المزدوجة.

مصدر الصورة

صورة لرايشلت

إلى ذلك، عمل رايشلت بباريس كخياط اختص في صناعة ثياب النساء. وتزامنا مع تطور الطيران وزيادة عدد الحوادث التي تعرض لها الطيارون، فكّر الأخير في العمل على صناعة مظلة قفز يستخدمها الطيار للنجاة من الموت في حال فقدانه السيطرة على طائرته.

ابتداء من العام 1910، عمل رايشلت على بدلة - مظلة مصنوعة القماش المطاطي. وكمصدر إلهام، اتجه هذا المخترع الفرنسي النمساوي للإعتماد على شكل الخفافيش. أجرى رايشلت عملية التصميم اعتمادا على عدد من عارضات الأزياء ليتأكد من تطابق البدلة مع جسم الإنسان.

وبمحاولة أولى، قفز رايشلت من ارتفاع 10 أمتار، من فوق سطح أحد المباني بمدينة جوانفيل (Joinville)، وفتح بدلته. وفي الأثناء، كللت هذه التجربة بالفشل حيث سقط الأخير، لحسن حظه، فوق كومة قش لينجو ويصاب فقط بجروح طفيفة.

وفاة أثناء اختبار الإختراع

مع بداية شهر شباط/فبراير 1912، أعلن فرانز رايشلت للصحافة استعداده لإثبات نجاعة ابتكاره عن طريق القفز من برج إيفل. وبعد كتابته لوصيته الأخيرة، توجه الأخير في حدود الساعة الثامنة صباحا يوم 4 شباط/فبراير 1912 نحو برج إيفل واستعد للقفز من الطابق الأول ببرج إيفل. وخلال ذلك اليوم الذي قدرت فيه درجة الحرارة بصفر درجة مئوية، تواجد العديد من رجال الشرطة بالمنطقة لتأمين الحدث. وفي الأثناء، أعطى رجال الأمن الضوء الأخضر لرايشلت للقفز باستخدام بدلته التي كان قد صنعها بنفسه.

وبعد تفكير استمر لنحو 40 ثانية، قفز رايشلت من علو قدر بحوالي 57 متر. ولسوء حظه، التفت بدلته، التي لم تنفتح بشكل كامل، عليه ليسقط بذلك الأخير بشكل سريع جدا ويهوي نحو الأرض التي كانت متجمدة بسبب درجة الحرارة الباردة. وبدون إجراء أية عملية تشريح، أعلن الأطباء عن وفاة رايشلت جراء هذه السقطة لينضم بذلك الأخير لقائمة المخترعين الذين قتلتهم اختراعاتهم.

بسبب تواجد العشرات من الصحفيين، تم تصوير عملية سقوط رايشلت الذي تحدث كثيرون عن ظهور حفرة صغيرة بعمق 20 سنتيمتر بمكان ارتطام جسده بالأرض. وخلال السنوات التالية، كسب هذا الفيديو شهرة كبيرة وجعل من المخترع الفرنسي النمساوي شخصا معروفا.