بدأت فنلندا تشغيل أكبر بطارية رملية في العالم، في بلدة بورناينن الصغيرة، لتفتح الباب أمام حلول نظيفة وغير مكلفة لتدفئة المدن ومواجهة برد الشتاء القارس.
وصُف هذا الابتكار بأنه خطوة ثورية قد تغيّر مستقبل تخزين الطاقة عالميًا.
لكن الغريب في هذه القصة أن "المادة الخام" المستخدمة ليست معدنًا نادرًا أو تقنية متطورة، بل مجرد رمل، بحسب تقرير نشره موقع "تك كرانش" واطلعت عليه "العربية Business".
تعتمد بطارية الرمل على تخزين الطاقة الحرارية داخل صومعة ضخمة تحتوي على أكثر من 2000 طن متري من الصخور المسحوقة – وتحديدًا من "حجر الصابون" الذي كان يُعتبر نفايات من قبل أحد صانعي المدافئ المحليين.
يتم تسخين هذه الصخور باستخدام كهرباء متجددة، ويمكنها الاحتفاظ بحرارة تصل إلى 400 درجة مئوية لأسابيع، ما يجعلها مثالية لتغذية شبكة التدفئة المركزية في المدينة.
ويقول مطورو التقنية في شركة Polar Night Energy الفنلندية، إن البطارية قادرة على تخزين ما يصل إلى 1000 ميغاواط/ساعة من الحرارة – وهي كمية تكفي لتدفئة المدينة أسبوعًا كاملًا خلال الشتاء.
اللافت أن المشروع يتمتع بجاذبية اقتصادية كبيرة، إذ يُقدر أن يقلل من استهلاك رقائق الخشب لتوليد الحرارة بنسبة 60%، ما يوفر على المدينة أموالاً ويخفض انبعاثات الكربون في آنٍ واحد.
كذلك، يمكن استغلال الحرارة المخزنة لتوليد الكهرباء – وإن كان ذلك يتطلب تضحيات بسيطة في الكفاءة.
فنلندا، التي تعتمد على الطاقة المتجددة والطاقة النووية لتوليد أكثر من ثلثي كهربائها، تمتلك واحدة من أرخص شبكات الكهرباء في أوروبا، بسعر يبلغ نحو 0.08 يورو للكيلوواط/ساعة.
ومع هذه الأسعار المنخفضة، يُمكن شحن البطارية خلال ساعات الذروة الإنتاجية، ثم استخدام الطاقة المخزنة عندما تشتد الحاجة.
تكنولوجيا بطاريات الحرارة لا تتوقف عند فنلندا، فشركات ناشئة مثل "Sunamp" الاسكتلندية و"Fourth Power" الأميركية تطور حلولًا تعتمد على مواد غير تقليدية، مثل الأملاح الخاصة والطوب المقاوم للحرارة، لتخزين طاقة تصل درجاتها إلى 2400 درجة مئوية.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه تكلفة تخزين بطارية الليثيوم حوالي 115 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، قد تصل تكلفة النسخة الفنلندية من بطارية الرمل إلى أقل من ربع هذا السعر، ما يجعلها خيارًا ثوريًا يُمكن أن يُحدث فارقًا في سوق الطاقة العالمي.