آخر الأخبار

الدورات الرمضانية مصنع نجوم الكرة المصرية

شارك

الإسكندرية- مع اقتراب المساء في شهر رمضان تتحول الأحياء الشعبية في مختلف المحافظات المصرية إلى مسارح كروية تحتضن آلاف اللاعبين الهواة، في بطولات باتت جزءا من التراث الرياضي والاجتماعي للبلاد وسمة مميزة للشهر الفضيل ينتظرها الجمهور كل عام.

ففي تقليد يعرفه المصريون منذ عشرات السنين تستقبل كل عام الساحات الشعبية -وهي شوارع ممهدة ومعدة بأيادي الشباب بشكل تعاوني وغير رسمي- الوافدين من كل الأعمار والطبقات الاجتماعية، محمّلين بالحماس والشغف للاستمتاع بالأجواء المحيطة بالتنافس والتنظيم المميز للعب دورة كرة القدم الرمضانية.

هذه الدورات الرمضانية -التي بدأت كأنشطة ترفيهية في الأحياء والشوارع- تطورت عبر العقود لتصبح محطات لصقل المواهب وجذب الجماهير، حتى أنها خرّجت نجوما كبارا في الكرة المصرية.

وعلى مدار الساعات بين العصر ومدفع الإفطار تتواصل المباريات بين الفرق المشاركة بحماس وإثارة تتخللها الابتسامات والصيحات العالية عندما يسجل أحد الفرق هدفا رائعا.

مصدر الصورة الدورات الرمضانية تشهد كل عام توافدا واسعا من كل الأعمار والطبقات الاجتماعية (الجزيرة)

خزان مواهب كروية

ولا تقتصر أهمية الدورات الرمضانية على كونها متنفسا رياضيا للشباب، بل كانت ولا تزال مهدا لولادة نجوم كرة القدم، مثل عبد الفتاح الجارم أحد رموز الكرة المصرية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي الذي نشأ في أحياء الإسكندرية وبزغ نجمه في الدورات الرمضانية.

إعلان

ويقول الجارم للجزيرة نت "الدورات الرمضانية كانت بوابتي إلى عالم كرة القدم، فهي مصنع المواهب ومصدر دائم لاكتشاف نجوم الكرة المصرية، لكنها تحتاج إلى دعم أكبر من الأندية والمسؤولين عن الرياضة".

واستطرد "يكفي أن ننظر إلى نادي الاتحاد السكندري وأساطيره، فجميعهم خريجو الدورات الرمضانية، مثل عرابي، ومحيي، وبوبو، والسيد كروان، ومحمد عمر، وطلعت يوسف، ورمزي حسين، وأحمد الكاس، وساري".

ويضيف "أشعر بحنين لا ينقطع للدورات الرمضانية، وأجدني دائما ما أبحث عنها، وأحضرها وأتابعها بكل شغف رغم مرور كل تلك السنوات كرة القدم كانت وما زالت لعبة الفقراء، وموطنها الحقيقي هو الشارع الشعبي، حيث تنشأ المهارات الفطرية وتتطور".

مصدر الصورة الدورات الرمضانية محطات لاكتشاف المواهب ونجوم المستقبل (الجزيرة)

دورة الفلكي

وإلى جانب الجارم خرّجت الدورات الرمضانية عددا من النجوم مثل أحمد الكاس لاعب الزمالك ونادي الأولمبي، وشادي محمد نجم الأهلي والمنتخب المصري السابق.

ويقول محمد شاهين -وهو أحد مؤسسي دورة الفلكي أشهر وأعرق الدورات الرمضانية على مستوى الجمهورية- إن دورة الفلكي ترجع تسميتها إلى المرحوم السيد الفلكي منظم الدورة، والذي بدأها قبل 48 عاما في منطقة أمبروزو الشعبية بمحرم بك وسط المدينة.

وتشهد الدورة حضورا جماهيريا لمشاهدة المنافسات بين مختلف فرق الأحياء الشعبية، ومنذ تأسست عام 1976 تحظى بزيارات مدربين وعاملين في المجال الرياضي، إذ تعتبر بيئة خصبة لاكتشاف المواهب.

وعن آلية التنظيم، قال شاهين للجزيرة نت "تتمتع دورات كرة القدم الرمضانية بتنظيم محكم ودقيق، فعلى الرغم من كونها غير رسمية فإن جهات محلية تتعاون مع المنظمين لضمان سلامة ونجاح الفعالية، وتجهز الملاعب وتقدم جوائز قيمة للفائزين على قدر الإمكانيات المتاحة".

ويتابع "علينا النظر إلى الدورات الرمضانية باعتبارها جزءا أصيلا من النسيج الرياضي المصري، ورغم التحديات التي تواجهها فإنها لا تزال تحمل الأمل في اكتشاف نجوم المستقبل شريطة توفير الدعم اللازم لها".

مصدر الصورة الدورات الرمضانية تتميز بتنظيم رائع وتنافس كبير بين الفرق المشاركة (الجزيرة)

وعلى أحد الأرصفة المقابلة لساحة الدورة الرمضانية المقامة في الورديان غرب الإسكندرية يتابع أحمد بيومي اللعب والاستمتاع.

إعلان

ويقول بيومي "في شهر رمضان من كل عام تستعيد ساحات الإسكندرية الشعبية تراثا رياضيا يمتد لعقود من الزمن، ويعكف أهالي المدينة الساحلية على تنظيم والمشاركة في دورات كرة القدم الرمضانية، فهي فرصة للترفيه وتجمّع أهل المنطقة ومشاهدة مهارات اللاعبين بصورة حية".

أما علي رمضان -الذي يؤدي تدريبات الإحماء قبل النزول إلى ساحة اللعب- فيقول "الدورات الرمضانية هي فرصتي الوحيدة لإثبات نفسي، وأحلم أن يكون هناك نظام لاختيار المواهب من هذه البطولات، وأن أصبح لاعبا محترفا، وأتدرب يوميا حتى أكون جاهزا عندما تأتي الفرصة، وأسمع عن لاعبين كبار بدؤوا من هذه الدورات، وهذا يمنحني دافعا للاستمرار".

مصدر الصورة الدورات الرمضانية تشهد إقبالا كبيرا من كل الأعمار والطبقات الاجتماعية (الجزيرة)

منتشرة في أغلب المحافظات

لم تكن الإسكندرية وحدها صاحبة التقليد الراسخ في الدورات الرمضانية، بل تنظم في العديد من المحافظات المصرية.

ويقول رئيس إحدى الأكاديميات الكروية بالإسكندرية محمود جابر "القاهرة الكبرى تحتضن دورات شهيرة، مثل دورة السيدة زينب التي خرّجت لاعبين بارزين، ودورة عزبة النخل التي كانت محط أنظار كشافي الأندية، ودورات شبرا وإمبابة التي جذبت اهتمام المدربين لعقود".

ويضيف جابر في حديثة للجزيرة نت "أيضا في الصعيد والدلتا هناك دورات لا تقل أهمية، مثل دورات المنيا وأسيوط وسوهاج، إذ تبرز المواهب المتعددة التي تبحث عن فرصة للظهور، ودورات الدقهلية والغربية وكفر الشيخ التي تجذب فرقا من القرى المتجاورة، وتتحول إلى حدث رياضي كبير في الشهر الكريم".

ويقترح جابر زيادة اهتمام الأندية بإرسال كشافين ومدربين لاختيار أفضل اللاعبين من هذه البطولات، ومنحهم فرصة للانضمام إلى فرق الناشئين بدلا من الاعتماد فقط على اختبارات الأندية التقليدية.

ويطالب جابر بدراسة إمكانية إدراج هذه الدورات تحت مظلة الاتحادات الرياضية، لتكون نواة لبطولات رسمية تسهم في رفد الأندية بالمواهب الجديدة.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا