آخر الأخبار

هكذا تقرر إعادة هندسة التكوين قبل الإدماج في أسلاك التربية

شارك
صحفية جزائرية مختصة في الشأن الوطني والتربوي و المجتمع
مصدر الصورة
الكاتب: نسيمة بن عيسى

● هكذا تقرر إعادة هندسة التكوين قبل الإدماج في أسلاك التربية

شهد قطاع التربية الوطنية ، صدور قرارات تنظيمية مهمة من قبل الحكومة ، تخصّ منظومة التكوين في قطاع التربية الوطنية، لاسيما المرتبطة بآليات التكوين قبل الإدماج والتكوين بعد الإدماج في رتب متعددة، بالإضافة إلى تعديل يخصّ اللجنة القطاعية للصفقات العمومية.

وتمثّل هذه النصوص خطوة جديدة في تفعيل أحكام القانون الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية الصادر مطلع السنة.

تكوين قبل الإدماج.. ضبط شامل للآليات والبرامج

يحدّد القرار الوزاري المشترك الأول الصادر عن الحكومة عبر القرار المشترك الموقع من قبل وزير التربية محمد صغير سعداوي و وعن الوزير الاول وبتفويض منه المكلف بتسيير المديرية العامة للوظيفة العمومية والاصلاح الاداري عبد الوهاب لعويسي، الكيفيات الجديدة لتنظيم التكوين قبل الإدماج لفائدة عدة رتب في أسلاك التعليم والتفتيش والتغذية المدرسية.

ويستند القرار إلى المواد التنظيمية الواردة في القانون الأساسي رقم 54-25، محدداً الإطار القانوني والهيكلي لتنظيم هذا التكوين.

ويشمل التكوين قبل الإدماج رتب أساتذة التعليم في الأطوار الثلاثة (قسم أول، قسم ثان، وأستاذ مميز)، إضافة إلى رتب النظار، ومستشاري التغذية المدرسية، ومفتشي التعليم الابتدائي في تخصص التغذية المدرسية، ومفتشي التوجيه والإرشاد في المتوسطات.

وتُفتح دورات التكوين بقرار من وزير التربية، الذي يحدد الرتب المعنية، وعدد المناصب المالية، والهيئات المكلفة بالتكوين وتواريخ انطلاقه. كما يفرض القرار إبلاغ الوظيفة العمومية خلال أجل أسبوع للحصول على رأي مطابق، الذي يصبح مكتسباً في حال عدم الرد.

مدة التكوين ومضامينه.. ستة أشهر لمعظم الرتب وسنة للتخصصات التفتيشية

وتبلغ مدة التكوين قبل الإدماج ستة أشهر بالنسبة لرتب الأساتذة في الأطوار الثلاثة، ورُتبة ناظر في التعليم، ومستشار رئيسي في التغذية المدرسية. أما رتب المفتشين، سواء في التغذية المدرسية أو التوجيه والإرشاد، فتستفيد من تكوين يمتد لسنة كاملة، تتضمن 350 ساعة و11 مقياساً، إضافة إلى تربص تطبيقي لمدة شهرين.

أما تكوين النظار ومستشاري التغذية المدرسية قبل الإدماج فيتم خلال خمسة أشهر بمجموع 80 ساعة موزعة على خمسة مقاييس وتربص تطبيقي بشهر واحد. ويُنظم التكوين بطريقة تناوبية تجمع بين الدروس النظرية، المحاضرات، الملتقيات، والتربصات التطبيقية داخل المؤسسات.

● التقييم وشروط النجاح النهائي

ويخضع المتربصون لتقييم متعدد المعاملات يشمل المراقبة البيداغوجية المستمرة، علامة التربص التطبيقي، تقرير نهاية التكوين، والامتحان النهائي. ويشترط نيل معدل عام يعادل أو يتجاوز 10 من 20 للنجاح النهائي، باستثناء رتب المفتشين التي تخضع لأحكام خاصة.

وتتولى لجنة نهاية التكوين —المشكّلة من مدير التربية، ممثل الوظيفة العمومية، إدارة المعهد الوطني لتكوين موظفي التربية، وممثلين عن الأساتذة— إعداد محضر التكوين الذي يُبنى عليه إصدار شهادة النجاح والإدماج النهائي في الرتبة المستهدفة.

● التكوين بعد الإدماج: مسار إلزامي لفائدة النظار

خصص القرار الوزاري المشترك الثاني الصادر في التاريخ نفسه لتنظيم التكوين بعد الإدماج، والذي يخص حصرياً رتب النظار في الأطوار الثلاثة. ويُعد هذا المسار التكويني جزءاً من متطلبات تثبيت الموظفين الذين تم إدماجهم في هذه الرتب وفق أحكام القانون الأساسي الجديد.

ويُلزم الموظفون المدمجون بمتابعة التكوين الذي تدوم مدته ستة أشهر، وينظَّم بطريقة مماثلة للتكوين قبل الإدماج، مع التركيز على التكوين التطبيقي داخل المؤسسات التعليمية وعلى إعداد تقرير نهاية التكوين.

ويخضع التكوين بعد الإدماج هو الآخر لإجراءات الإبلاغ والمطابقة مع مصالح الوظيفة العمومية، مع إلزامية الاستدعاء الفردي للمعنيين قبل انطلاق الدورة بعشرة أيام على الأقل.

●آليات التقييم ولجنة نهاية التكوين بعد الإدماج

يشمل التقييم النهائي ثلاث نقاط أساسية: المراقبة البيداغوجية المستمرة، علامة التربص التطبيقي، وتقرير نهاية التكوين. وتتولى لجنة خاصة إعداد محضر نهاية التكوين وإرساله للوظيفة العمومية خلال أجل أقصاه ثمانية أيام. وبناء على هذا المحضر، تُسلّم شهادات التكوين للموظفين الذين استوفوا جميع الشروط.

وتؤشر القرارات إلى دخول منظومة التكوين في قطاع التربية مرحلة جديدة، تتسم بتوحيد المعايير، وضبط الآجال، وتوسيع التكوين التطبيقي، وإرساء رؤية أكثر مهنية في إدماج الموظفين الجدد أو المرقّين.

ويُعد هذا المسار جزءاً من الديناميكية الحالية لتنفيذ القانون الأساسي الجديد، وضمان انتقال سلس إلى الرتب المستحدثة أو المعدّلة في أسلاك التربية الوطنية.

تكشف القرارات الصادرة في العدد 79 من الجريدة الرسمية عن توجّه واضح نحو إعادة ضبط مسارات التكوين في قطاع التربية الوطنية، سواء بالنسبة للموظفين المقبلين على الإدماج أو لأولئك الذين أُدمجوا فعلاً في رتب جديدة.

ويبدو أن الهدف المركزي من هذه النصوص هو تنظيم مسار مهني أكثر صرامة ووضوحاً، ينسجم مع الهيكلة الجديدة التي جاء بها القانون الأساسي لسنة 2025.

● العودة إلى التكوين الإلزامي المؤطر والمدعّم بتربصات تطبيقية

اللافت في هذه القرارات هو العودة إلى التكوين الإلزامي المؤطر والمدعّم بتربصات تطبيقية، ما يعكس رغبة في جعل الترقية أو الإدماج مبنية على تأهيل فعلي وليس على انتقال إداري فقط.

ويبرز ذلك خصوصاً في الرتب الحساسة مثل مفتشي التغذية المدرسية ومفتشي التوجيه، حيث رُفع مستوى التكوين إلى عشرة أشهر وبحجم ساعي كبير يصل إلى 350 ساعة، إضافة إلى تربص ميداني مطوّل. وهذا يترجم إدراكاً لأهمية هذه المهام في تسيير المؤسسات ومتابعة التلاميذ.

● توجهاً نحو توحيد المسار التأهيلي

أما بالنسبة لرتب الأساتذة، فإن تحديد مدة التكوين بستة أشهر وبمحتوى يجمع بين الجانب النظري والتطبيقي، يعكس توجهاً نحو توحيد المسار التأهيلي لهذه الفئة، خصوصاً بعد إدخال نظام الأقسام (أول، ثان، مميز).

ويأتي ذلك في سياق محاولة إدراج تجانس في معايير التأهيل الوطني، بعدما كانت الفوارق في الخبرة والتكوين تشكّل تحدياً داخل المؤسسات.

من جهة أخرى، فإن تخصيص تكوين بعد الإدماج حصرياً لسلك النظار، وتحديد مدته بستة أشهر أيضاً، يشير إلى رغبة في تعزيز هذه الوظيفة الإدارية المحورية بمنهج تكويني موحد، يضمن أن الانتقال إلى رتبة ناظر لا يتم فقط على أساس الأقدمية أو الترقية الآلية، بل من خلال تكوين مكثف يغطي مهامه المرتبطة بالتسيير والمتابعة داخل المؤسسات.

● تدعيم فكرة الشفافية والانضباط في تطبيق القرارات

ويُلاحظ أن إجراءات التبليغ، واستدعاء الموظفين، ومراقبة الوظيفة العمومية، ولجان نهاية التكوين، كلها تدعم فكرة الشفافية والانضباط في تطبيق القرارات، بما يضمن عدم ترك مسار التكوين رهين الاجتهاد المحلي. كما أن هيكلة التقييم عبر معاملات متعددة (المراقبة المستمرة، التربص، التقرير، الامتحان) تؤكد الاتجاه نحو تقييم موضوعي مبني على الأداء وليس على الحضور فقط.

في المجمل، تعكس القرارات مسعى نحو إعادة مهنية المسار التأهيلي للموظفين عبر توحيد المعايير، وتعزيز الجانب التطبيقي، وتحديد مدد وحجوم ساعية واضحة.

وهو توجه من شأنه تحسين مستوى التأطير داخل المؤسسات التربوية إذا تم تطبيقه فعلياً كما ورد في النصوص، خصوصاً وأنها تُحمّل الموظف مسؤولية الالتزام بالتكوين، وتمنح المؤسسة دوراً أكبر في التقييم والمتابعة.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا