آخر الأخبار

القاهرة تستقبل الجزائر بـ18 وثيقة تعاون: شراكة استراتيجية تتجاوز المليار دولار

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

القاهرة تستقبل الجزائر بـ18 وثيقة تعاون: شراكة استراتيجية تتجاوز المليار دولار

الجزائرالٱن _ في خطوة تاريخية نحو تعميق الشراكة الاستراتيجية بين مصر والجزائر، شهدت العاصمة المصرية اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 توقيع 18 وثيقة تعاون شاملة بين البلدين الشقيقين، في ختام أعمال الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة التي استمرت أربعة أيام حافلة بالمباحثات والاجتماعات الفنية والاقتصادية.

استقبال رسمي على أعلى مستوى

وصل رئيس الحكومة الجزائرية، سيفي غريب، إلى العاصمة المصرية القاهرة مساء أمس الاثنين 25 نوفمبر، على رأس وفد وزاري رفيع المستوى يضم سبعة وزراء، هم: وزراء الداخلية والجماعات المحلية، النقل، المالية، الصناعة، الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، الطاقة والطاقات المتجددة، السكن والعمران، والتكوين والتعليم المهنيين، إضافة إلى سفير الجزائر بالقاهرة.

واستقبل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، الوفد الجزائري بمطار القاهرة الدولي، في استقبال رسمي شهد عزف السلامين الوطنيين للبلدين واستعراض حرس الشرف، في مشهد يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين.

لقاء السيسي – غريب: تأكيد على الطابع الاستراتيجي للعلاقات

التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية أمس رئيس الحكومة الجزائري، في لقاء أكد فيه الرئيس السيسي على الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين مصر والجزائر، مشيراً إلى الروابط التاريخية الراسخة التي تجمع البلدين.

وأكد السيسي خلال اللقاء مواصلة مصر جهودها مع كافة الأطراف من أجل تنفيذ اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة وتثبيت وقف إطلاق النار، والدفع لتجنب ووقف أي انتهاكات للاتفاق وتعزيز تدفق المساعدات الإنسانية، إلى جانب التحضير لعملية إعادة إعمار القطاع.

من جانبه، نقل الوزير الأول الجزائري تحيات الرئيس عبد المجيد تبون إلى الرئيس السيسي، مؤكداً التقدير الكبير الذي يحظى به لدى الرئيس تبون وحرص الجزائر على مواصلة العمل مع مصر. وأشاد بعمق الروابط التاريخية التي تجمع الجزائر ومصر، وبالتطابق في رؤية قيادتي البلدين حول تعزيز التعاون الثنائي واستغلال فرص الشراكة المتاحة وفق مقاربة قائمة على التكامل الاقتصادي.

الدورة التاسعة للجنة العليا: أربعة أيام من العمل المكثف

انعقدت فعاليات الدورة التاسعة للجنة العليا الجزائرية-المصرية المشتركة في الفترة من 23 إلى 26 نوفمبر تحت الرئاسة المشتركة للوزير الأول الجزائري سيفي غريب ونظيره المصري الدكتور مصطفى مدبولي.

وجاء انعقاد هذه الدورة تنفيذاً لتوجيهات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارة الأول إلى مصر في أكتوبر 2024، حيث أكدا على ضرورة تفعيل آليات التعاون المشترك وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

18 وثيقة تعاون تغطي مختلف المجالات

توجت أعمال اللجنة العليا اليوم بتوقيع 18 وثيقة تعاون في مجالات حيوية متنوعة، شملت:

المجالات الاقتصادية والتنموية:

البحوث الزراعية – تعزيز التعاون في البحث العلمي الزراعي وتبادل الخبرات

الإسكان – التعاون في مشروعات الإسكان الاجتماعي والتنمية العمرانية

الكهرباء – تطوير شبكات الكهرباء والطاقة المتجددة

الحوار المالي – تنسيق السياسات المالية والاقتصادية

المجالات الخدمية والإدارية:

التنمية المحلية – تبادل الخبرات في إدارة المحليات

المعارض – التعاون في تنظيم المعارض الاقتصادية والتجارية

حماية المستهلك – تطوير آليات حماية حقوق المستهلكين

المجلس الوطني للاعتماد – توحيد معايير الجودة والاعتماد

المجالات الثقافية والتعليمية:

دار الكتب – التعاون في مجال المكتبات والتراث المكتوب

الثقافة – تبادل الفعاليات والبرامج الثقافية

دار الأوبرا – التعاون في الفنون الأدائية والموسيقية

جامعة الأزهر الشريف – التعاون الأكاديمي والديني

المجالات الاجتماعية والرياضية:

العمل – تنظيم سوق العمل وحقوق العمال

التضامن الاجتماعي – برامج الحماية الاجتماعية

الشباب – تبادل البرامج والمبادرات الشبابية

الرياضة – التعاون في المجالات الرياضية المختلفة

المجالات المؤسسية:

الشئون النيابية – التعاون البرلماني وتبادل الخبرات التشريعية

الإدارة والوظيفة العامة – تطوير الخدمة المدنية

كما اتفق الجانبان على تطوير العلاقات في مجالات إضافية تشمل: الصحة والدواء، الاتصالات، التعليم، السياحة، وبناء القدرات.

التبادل التجاري يتجاوز المليار دولار

كشفت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، الدكتورة رانيا المشاط، عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر والجزائر بنحو 20% في عام 2024، ليصل إلى مليار دولار، مقابل 872 مليون دولار في عام 2023.

وأوضحت المشاط أن الانعقاد الدوري للجنة العليا المشتركة يتيح المزيد من الفرص لتطوير وتنمية العلاقات الاستراتيجية القائمة واستكشاف المزيد من مجالات التعاون، خاصة في إطار الدور الحيوي الذي يقوم به القطاع الخاص من البلدين.

وأكدت الوزيرة أن وزارة التخطيط حريصة على المتابعة المستمرة لمخرجات اللجنة المشتركة من خلال انعقاد اللجان الفنية، لتذليل التحديات وتحقيق ما تم الاتفاق عليه من وثائق تعاون تنتقل بالشراكة المصرية الجزائرية إلى آفاق أرحب.

فتح خط بحري مباشر بين الجزائر والإسكندرية

في خطوة لوجستية مهمة، اتفق البلدان على افتتاح خط بحري مباشر بين ميناء الجزائر والإسكندرية، وهو ما سيسهم في تسهيل حركة التجارة والبضائع بين البلدين وتقليل تكاليف النقل وزمن الشحن.

وأكد وزير الصناعة الجزائري يحيى بشير أن هذا الخط البحري سيشكل شرياناً حيوياً للتبادل التجاري ويعزز من التكامل الاقتصادي بين البلدين الشقيقين.

استثمارات ضخمة وطموحات أكبر

نوهت وزيرة التخطيط المصرية إلى الدور المحوري للقطاع الخاص المصري الذي يسهم في تنفيذ العديد من المشروعات، مؤكدة استعداد مصر الكامل لمشاركة الشركات المصرية في مشروعات التنمية والبنية التحتية في الجزائر.

وأشارت إلى خبرة الشركات المصرية وكفاءتها وسرعتها في التنفيذ في كافة المجالات، خاصة مشروعات البنية الأساسية مثل: الطاقة، محطات الكهرباء والمياه، الأنفاق والطرق والكباري، ومشروعات الإسكان.

وتشير التقارير إلى أن الاستثمارات المصرية في الجزائر قد تصل إلى نحو 3 مليارات دولار في قطاعات المنشآت والأسمدة والكابلات، بينما لا تتجاوز الاستثمارات الجزائرية في مصر 15 مليون دولار، مما يفتح المجال واسعاً أمام زيادة التدفقات الاستثمارية من الجانب الجزائري.

منتدى رجال الأعمال: شراكات واعدة

على هامش أعمال اللجنة العليا، انعقد منتدى رجال الأعمال المصري الجزائري، الذي يضم عدداً من رجال الأعمال المصريين والجزائريين لبحث فرص الشراكة والتعاون بين الجانبين في قطاعات الطاقة والزراعة والبنى التحتية.

وناقش المنتدى فرص الاستثمار المتاحة للقطاع الخاص في البلدين، لاسيما في مجالات الاستزراع السمكي، الأمن الغذائي، والصوامع، بالإضافة إلى قطاعات الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة.

قطاع الطاقة: شريان حيوي للتعاون

يبرز قطاع الطاقة كإحدى ركائز التعاون بين البلدين، إذ تستفيد مصر من إمدادات الغاز الجزائري لتغطية احتياجاتها الداخلية، حيث وفرت الجزائر للقاهرة إمدادات سنوية بقيمة تقارب 200 مليون دولار بموجب اتفاقية موقعة عام 2022.

كما حصلت شركة بتروجت المصرية على عقد تطوير المرحلة الثانية من حقل النفط حاسي بئر ركايز بقيمة تتجاوز مليار دولار، يشمل إنشاء محطة معالجة مركزية بسعة 31 ألف برميل يومياً.

بيئة اقتصادية واعدة

علق الخبير الاقتصادي المصري الدكتور هاني أبو الفتوح على أهمية الاجتماعات قائلاً إن اللجنة الفنية المصرية الجزائرية تعكس التوجهات الاقتصادية الحالية في مصر، التي تشهد إصلاحات هيكلية هامة.

وأشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر شهدت صافي تدفق بلغ 46.1 مليار دولار في العام المالي 2023/2024، وهو ما يعكس التحسن في بيئة الاستثمار والثقة في السياسة الاقتصادية المصرية.

وأكد أبو الفتوح أن المحركات الأساسية لتطوير التعاون الاستثماري تتمثل في السياسات المصرية التي تدعم القطاع الخاص، وتسهيل الإجراءات الاستثمارية مثل مراكز خدمات المستثمرين، الحوافز الاستثمارية، والإعفاءات الجمركية، كما يسهم تطور التحول الرقمي ورخصة الاستثمار الذهبية في تسريع هذا التعاون.

الطموح: 5 مليارات دولار خلال 4 سنوات

يهدف البلدان إلى رفع مبادلاتهما التجارية إلى 5 مليارات دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، في إطار تحقيق طموحات قيادتي البلدين بالانتقال بالشراكة المصرية الجزائرية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

ويعكف الجانبان على تذليل التحديات القائمة، خاصة في مجال تحسين التسهيلات الجمركية، وتبسيط الإجراءات بين البلدين، وإنشاء صناديق استثمار مشتركة لدعم المشاريع الكبرى، وتشجيع البنوك من الجانبين على تقديم قروض ميسرة للمستثمرين.

التعاون الأمني والداخلي

على هامش الزيارة، التقى وزير الداخلية الجزائري بنظيره المصري في إطار أعمال اللجنة العليا المشتركة، حيث بحثا تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وتبادل الخبرات في مجال الأمن الداخلي وإدارة الأزمات.

شراكة استراتيجية تتعزز

تمثل الزيارة الحالية لرئيس الحكومة الجزائري لمصر علامة فارقة في مسار العلاقات بين البلدين الشقيقين، حيث جاءت الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة لترسم خارطة طريق واضحة للمستقبل.

وبتوقيع 18 وثيقة تعاون وفتح خط بحري مباشر وعقد منتدى رجال الأعمال، تؤكد مصر والجزائر عزمهما على تحويل العلاقات التاريخية إلى شراكة اقتصادية فاعلة تخدم مصالح الشعبين الشقيقين وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار المشترك.

وتشير كل المؤشرات إلى أن العلاقات المصرية الجزائرية مقبلة على مرحلة جديدة من التعاون والتكامل، تترجم فيها الإرادة السياسية المشتركة إلى مشاريع حقيقية على أرض الواقع، في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا