دعا البروفيسور محمد بوجلال، الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الإسلامي الأعلى إلى ضرورة تسريع وتيرة تطوير الصيرفة الإسلامية في الجزائر، مؤكدا أنها تمثل أمل البشرية في الخروج من الإفرازات والنتائج السيئة للنظام المالي التقليدي القائم على الديون والفوائد الربوية.
وفي عرض مفصل قدمه بوجلال تحت عنوان “ الصيرفة الإسلامية في خدمة الاقتصاد الوطني”، خلال ندوة صحفية نظمها بنك ABC الجزائر على هامش معرض “تسهيل” للقروض، كشف عن أرقام صادمة حول حجم الديون السيادية العالمية، مشيرا إلى أن الديون الأمريكية تجاوزت 37 ألف مليار دولار، مقارنة بـ19 ألف مليار دولار العام 2018، أي أنها تضاعفت في أقل من سبع سنوات.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن الولايات المتحدة تدفع سنويا أكثر من 1300 مليار دولار كفوائد ربوية على هذه الديون، مضيفا: “الرئيس ترامب نفسه اضطر للذهاب إلى دول الخليج طالبا المساعدة المالية لسداد جزء من هذه الفوائد التي تقدر بنحو 7000 مليار دولار خلال فترة ولايته الثانية”، ولم تكن فرنسا بعيدة عن هذا المأزق، حيث أشار بوجلال إلى أن ديونها تجاوزت 3300 مليار يورو، مستشهدا بمقال للاقتصادي الفرنسي ميشال سانتي الذي حذر من النتائج الكارثية لهذا الوضع على الاقتصاد الفرنسي.
ثلاث ممارسات محرمة تهدد الاقتصاد العالمي
وحدد بوجلال ثلاث ممارسات محرمة في الشريعة الإسلامية تقوم عليها الأنظمة المالية التقليدية، وهي المسؤولة عن الأزمات المالية المتكررة منها الفائدة الربوية المحسوبة مسبقا، والتي تخلق ما سماه “العداد الجهنمي” الذي لا يتوقف عن احتساب الفوائد المركبة على الديون، المضاربة على المكشوف في الأسواق المالية، وهو ما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم.
وتوريق الديون التي انتشرت منذ السبعينيات في أمريكا ثم اكتسحت العالم، وهي ممارسة حذر منها الإسلام قبل 14 قرنًا عندما منع النبي صلى الله عليه وسلم “بيع الكالئ بالكالئ”، أي بيع الدين بالدين، وأوضح أن هذه الممارسات الثلاث تخلق ما يسمى “الفقاعة المالية”، حيث تجاوزت نسبة الديون العالمية إلى الإنتاج العالمي 300%، مما يعني أن العالم ينتج حوالي 100 ألف مليار دولار سنويًا، بينما تبلغ الديون العالمية أكثر من 300 ألف مليار دولار.
التجربة الجزائرية.. نجاح يتطلب التوسع
وفي ما يتعلق بالتجربة الجزائرية، أكد بوجلال أن الصيرفة الإسلامية بدأت في الجزائر العام 1991 مع إنشاء بنك البركة، لكنها لم تحظَ بإطار قانوني واضح إلا في 2020 مع إصدار النظام 20-02 من بنك الجزائر، وكشف عن نتائج مبهرة حققتها الصيرفة الإسلامية خلال خمس سنوات فقط، حيث استقطبت أكثر من 900 مليار دينار، ضخت منها حوالي 600 مليار دينار في الاقتصاد الوطني من خلال تمويل المشاريع والأنشطة الاقتصادية.
وقال بوجلال: “هذه الأرقام تثبت أن الصيرفة الإسلامية أصبحت رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، وأنها قادرة على تعبئة الأموال التي كانت خارج الدورة المصرفية”.
دعوة لفتح شبابيك إسلامية في جميع البنوك
ودعا البروفيسور بوجلال السلطات العمومية والبنوك العمومية إلى فتح شبابيك إسلامية في جميع البنوك، لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات المصرفية الإسلامية، مضيفا أن هناك إقبالا كبيرا من المواطنين، خاصة الشباب، على الصيرفة الإسلامية، متابعا بالقول: ” عندما يأتي شاب إلى البنك ويطلب منتجا إسلاميا فيجيبونه بأن البنك لا يوفر ذلك، هذا غير مقبول. يجب أن نستجيب لهذا الطلب”.
منتجات متنوعة تلبي احتياجات الاقتصاد
وشرح بوجلال بإسهاب العقود الإسلامية التي تعتمد عليها الصيرفة الإسلامية، موضحًا أنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسة: عقود المشاركة مثل المضاربة والمشاركة، حيث يتقاسم البنك والعميل الأرباح والخسائر، عقود المعاوضة مثل المرابحة (البيع بالتقسيط)، والسلم (الشراء المؤجل)، والاستصناع (التصنيع على الطلب)، والإجارة (التأجير التمويلي)، وعقود التبرعات مثل الوقف والزكاة والقرض الحسن.
وأكد أن هذه المنتجات تخضع لمعايير شرعية دولية صادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)، المعترف بها من قبل المؤسسات الدولية كالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي.
المصدر:
الإخبارية