الحناء قد تعالج أمراض الكبد وتعيد له صحته!

منذ

مصدر الصورة

كشفت الأبحاث الحديثة أن الحناء، هذا النبات التقليدي المعروف بتلوين الشعر واليدين، يخفي في أوراقه قوة علاجية غير متوقعة. فقد أعلن باحثون من جامعة أوساكا اليابانية عن اكتشاف مركب طبيعي مشتق من الحناء قادر على عكس أضرار الكبد الناتجة عن التليف، ما يفتح باب الأمل أمام ملايين المرضى حول العالم، حسب ما توصلت إليه الدراسة التي نشرت في مجلة Biomedicine & Pharmacotherapy.

وتبدأ القصة من محاولة العلماء فهم آلية التليف الكبدي، وهو مرض يتطور بصمت داخل الجسم. فحين يتعرض الكبد للالتهاب المزمن بسبب الفيروسات أو الكحول أو السموم، تبدأ خلاياه بتشكيل أنسجة ليفية صلبة تعيق وظائفه الحيوية، من تصفية الدم إلى هضم الدهون. هذا التليف يقود مع الوقت إلى أمراض خطيرة مثل تشمع الكبد وسرطانه.

في المقابل، استهدف فريق الباحثين نوعًا محددًا من الخلايا يعرف باسم “الخلايا النجمية الكبدية”، وهي المسؤولة عن إنتاج الكولاجين المسبب لتصلب أنسجة الكبد. فحص العلماء أكثر من 1880 مركب كيميائي عبر نظام متطور يعتمد على جين الكولاجين البشري، إلى أن اكتشفوا مادة فريدة تدعى “لاوسون” موجودة طبيعيًا في أوراق الحناء.

وأظهرت التجارب المخبرية أن مركب لاوسون يوقف نشاط الخلايا النجمية ويعيد توازنها، ما يقلل إنتاج الكولاجين ويمنع تكون الندوب داخل الكبد.

كما لاحظ الباحثون ارتفاع مستوى بروتين واق يسمى “سيتوغلوبين”، يساعد على حماية الكبد من الإجهاد التأكسدي. والأهم أن لاوسون نجح في تعطيل مسار الإشارات المعروف باسم YAP، المسؤول عن تحفيز إنتاج الكولاجين.

وعند اختبار المادة على فئران مصابة بتليف كبدي كيميائي، لوحظ تحسن واضح في بنية الكبد وانخفاض في نسبة الإنزيمات الدالة على التلف، إضافة إلى تراجع الأنسجة المتليفة وعودة الكبد إلى حالته الطبيعية نسبيًا.

ويشير الباحث تسوتومو ماتسوبارا، قائد الفريق في جامعة أوساكا، إلى أن فعالية لاوسون العالية وسميتها المنخفضة تجعلها مرشحًا مثاليًا لعلاج أمراض الكبد، لكن تطبيقها السريري لا يزال يحتاج إلى تطوير أنظمة توصيل دقيقة باستخدام تقنيات النانو، لضمان وصولها مباشرة إلى الخلايا المستهدفة دون الإضرار بالأنسجة السليمة.

وبهذا الاكتشاف، يعيد العلم اكتشاف ما عرفته الطبيعة منذ قرون. فالحناء الذي ارتبط بالجمال والزينة قد يصبح يومًا مفتاحًا لشفاء الكبد، ويمثل خطوة ثورية نحو طب تجديدي يعالج الأعضاء من الداخل بدلًا من استبدالها.