تهنئة ماكرون لتبون… بروتوكول دبلوماسي أم رسالة سياسية؟
الجزائرالٱن _ وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة قصيرة إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، قال فيها: “بمناسبة إحياء ذكرى أول نوفمبر، أود أن أقدم لكم ولكل الشعب الجزائري تهانيّ الحارة وأطيب التمنيات”. ورغم بساطة الصياغة، إلا أن مضمونها أعاد إلى الواجهة النقاش حول طبيعة الخطاب الفرنسي تجاه الجزائر، بين من يرى فيها مجرّد لياقة دبلوماسية، ومن يقرأها كرسالة رمزية تحاول باريس تمريرها بهدوء.
ماكرون يختار الصمت المعبّر
يقول الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور رشيد بن عيسى، في تصريح لـ«الجزائر الآن»، إن “اختصار رسالة ماكرون في جملة تهنئة مقتضبة لا يخلو من دلالة سياسية”، موضحًا أن “الفرنسيين يدركون حساسية المناسبة بالنسبة للجزائريين، ولذلك آثر ماكرون لغة البرود الدبلوماسي بدل الخطاب العاطفي أو التذكير بالعلاقات التاريخية”
ويضيف بن عيسى أن “هذا النوع من الرسائل عادةً يُستخدم في العلاقات المتوترة، فهو يحافظ على الحد الأدنى من التواصل دون أن يُظهر رغبة صريحة في التقارب”
إجراء بروتوكولي بغطاء سياسي
وبحسب الخبير، فإن التهنئة “تبدو من الخارج مجرّد إجراء بروتوكولي معتاد، لكنها في عمقها محاولة لعدم ترك أي فراغ في التواصل بين باريس والجزائ ر”، مشيرًا إلى أن “ماكرون يحاول إبقاء الخيط الدبلوماسي رفيعًا، حتى وإن كانت العلاقات تعرف برودًا واضحًا منذ أشهر”
ويشرح المتحدث أن “لغة المجاملة في الرسالة، الخالية من أي إشارة للتاريخ أو التعاون الثنائي، تكشف أن الإليزي اختار الحياد الهادئ في مخاطبة الجزائر، تجنّبًا لأي تأويل سياسي داخلي أو إعلامي”
الذاكرة الغائبة والرسالة الحاضرة
ويعتبر الدكتور رشيد بن عيسى أن “ما غاب عن الرسالة أهم مما ورد فيها”، موضحًا أن “ماكرون لم يتطرق لا إلى الذاكرة المشتركة ولا إلى العلاقات الثنائية، ما يعني أن فرنسا لا ترغب في فتح ملفات حساسة في هذه المرحلة، لكنها في الوقت نفسه لا تريد القطيعة الرمزية”
ويضيف أن “الإليزي يراقب الوضع الإقليمي بعناية، خصوصًا تحركات الجزائر في إفريقيا والبحر المتوسط، ويدرك أن تجاهلها تمامًا قد يُفهم كخطأ استراتيجي، لذا جاءت الرسالة خفيفة الشكل لكنها ثقيلة بالحسابات”
الخبير تحليله لـ”الجزائر الآن” بالقول: “الرسالة لا تعبّر عن دفء، لكنها أيضًا ليست علامة جفاء. هي توازن دبلوماسي فرنسي مألوف: لا مبادرة ولا تجاهل، فقط حضور رمزي في لحظة تاريخية يراقبها الجميع”
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة