يشهد العالم تحولًا سكانيًا غير مسبوق، إذ تتراجع معدلات الولادة في أوروبا وآسيا، بينما تنفجر في القارة الإفريقية. وفي قلب هذا التغير، تبرز نيجيريا كقوة بشرية صاعدة، حيث تؤكد توقعات الأمم المتحدة التي نقلتها مجلة National Geographic أن البلاد ستتجاوز الولايات المتحدة بحلول عام 2050 لتصبح ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم.
وتشهد نيجيريا اليوم طفرة ديموغرافية غير مسبوقة مدفوعة بتقاليد اجتماعية راسخة تعلي من شأن النسل، وبإيمان عميق يعتبر كثرة الأطفال بركة وأمنًا للمستقبل.
في السياق، يسجل معدل الخصوبة نحو 5.5 أطفال لكل امرأة، فيما ارتفع متوسط العمر إلى 53 عامًا. ورغم إطلاق الحكومة منذ عام 2004 خططًا لتشجيع تنظيم الأسرة، إلا أن أقل من 10 في المائة من الأزواج يستخدمون وسائل فعالة لمنع الحمل، بسبب نقص الوعي وتغلغل المعتقدات الدينية والثقافية.
كما تدفع هذه الطفرة السكانية البلاد إلى مواجهة تحديات اقتصادية وتعليمية ضخمة. فكل عام يتخرج نحو 600 ألف طالب جامعي، لكن سوق العمل لا يستوعب سوى جزء محدود منهم.
ويكشف البنك الدولي أن أكثر من ثلث القوى العاملة عاطلة عن العمل، وأن 17 في المائة من العاطلين يحملون شهادات جامعية. وتحتاج نيجيريا إلى خلق 2.5 مليون وظيفة سنويًا فقط للحفاظ على التوازن، وهو هدف بعيد المنال.
بالإضافة إلى ذلك، تشهد المنظومة التعليمية بدورها أزمة حقيقية. فبينما تتجه الأسر الميسورة نحو التعليم الخاص لضمان مستقبل أبنائها، تعاني المدارس العمومية من اكتظاظ ونقص في الكوادر وضعف في البنية التحتية.
وترى مجلة L’Économiste أن تمكين الفتيات من التعليم وتوسيع برامج تنظيم الأسرة يمكن أن يخفض معدل النمو السكاني إلى النصف قبل نهاية القرن، لكن العادات والتقاليد لا تزال عائقًا أمام هذا التحول.
وتواجه نيجيريا أيضًا خطر انعدام الأمن الغذائي رغم أن 70 في المائة من سكانها يعملون في الزراعة. فالبلاد تستورد سنويًا أكثر من 20 مليار يورو من الأغذية، في وقت يعاني فيه 19 مليون شخص من نقص حاد في الغذاء، حسب تقارير دولية.
وقد فاقمت جائحة كورونا وأعمال العنف في الأرياف من تراجع الإنتاج المحلي وأجبرت آلاف المزارعين على ترك أراضيهم.
وتحذر شخصيات وطنية بارزة، مثل الرئيس السابق أولوسيغون أوباسانجو، من أن بقاء الوضع على حاله سيحول الثروة البشرية إلى عبء ثقيل يهدد الاستقرار الاجتماعي.
المصدر:
الإخبارية