مبادرة تضامن وطني تعكس عمق الدولة الاجتماعية في الجزائر
الجزائر الآن _ أشرف الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، مسعود ألغم، رفقة رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني، السيدة ابتسام حملاوي، اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة، على تسليم 100 كرسي متحرك خاص لفائدة المصابين بالشلل الدماغي من أطفال وبالغين يمثلون 28 ولاية عبر الوطن.
وتأتي هذه العملية، حسب القائمين عليها، تتويجًا لنتائج اللقاء الوطني لجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة المنعقد في شهر سبتمبر المنصرم، كخطوة عملية لترجمة توصياته على أرض الواقع. وهي بادرة تعبّر عن التكامل الفعلي بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، في إطار رؤية تقوم على المسؤولية المشتركة والتضامن الوطني المستدام.
وأكد السيد ألغم أن هذه المبادرة “تعكس عمق الوعي والمسؤولية تجاه فئة عزيزة علينا”، مشيرًا إلى أن تسليم 100 كرسي متحرك “ليس مجرد عمل تضامني بل رسالة التزام إنساني واجتماعي”، تُجسد من خلالها المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار توجه الدولة نحو بناء اقتصاد اجتماعي متضامن يقوم على خدمة الإنسان قبل كل شيء.
و تمثل مثل هذه المبادرات ترجمة ملموسة لخيارات الدولة الجزائرية في بناء “دولة الرعاية الوطنية”، التي تضع المواطن في قلب المعادلة التنموية. فالتكافل الاجتماعي لم يعد مجرد شعار، بل أصبح أحد أدوات الشرعية الاجتماعية للنظام السياسي، خاصة في ظل سعي الجزائر لتثبيت نموذجها في التنمية المستقلة القائمة على العدالة الاجتماعية.
هذه الخطوات، وإن بدت رمزية، تعزز منسوب الثقة بين المواطن والدولة وتعيد الاعتبار لمفهوم “الجزائر المتضامنة” كركيزة في الأمن المجتمعي والسياسي.
ألغم يشيد بدور المرصد الوطني في تعزيز قيم الجمعية وتعزيز قيم المواطنين والتكافل
وأشاد ألغم بدور المرصد الوطني للمجتمع المدني في “ترقية العمل الجمعوي وتعزيز قيم المواطنة والتكافل”، مؤكدًا أن الجمعيات المتكفلة بذوي الاحتياجات الخاصة تمثل “نموذجًا في الإرادة والعطاء والتحدي”.
وأضاف أن المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار ستواصل دعمها لمثل هذه المبادرات، باعتبارها جزءًا من التزامها الثابت تجاه المجتمع والدولة.
حملاوي تثني على مجهودات الدولة
من جهتها، أثنت ابتسام حملاوي على “مجهودات الدولة الجزائرية في مرافقة فئة ذوي الهمم والتكفل بهم”، مشيرة إلى أن المجتمع المدني “يؤدي دورًا أساسيًا ومكمّلًا لجهود الدولة”.
كما نوهت بدور الجمعية الوطنية “أمل الحياة” في حماية أطفال الشلل الدماغي وما تقدمه من دعم ومرافقة نفسية وطبية واجتماعية للعائلات المحتاجة.
وأكدت رئيسة المرصد أن مثل هذه المبادرات “تترك أثرًا إنسانيًا عميقًا في نفوس الأطفال والعائلات”، معتبرة أن مرافقة هذه الفئات الهشة ليست خيارًا بل واجبًا وطنيًا يعكس نضج المجتمع المدني الجزائري ووعيه المتزايد بمسؤوليته الاجتماعية.
إن هذه الشراكة بحسب المختصين بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني تعكس تحولًا في فلسفة الحكم في الجزائر ، من دولة الرعاية الأحادية إلى دولة الشراكة الاجتماعية متعددة الأطراف.
فالمجتمع المدني لم يعد مجرد متلقٍ للقرارات، بل أصبح فاعلًا مشاركًا في صياغة وتنفيذ السياسات العمومية.
وهذا التطور يعكس رؤية استراتيجية للرئيس تبون تقوم على إعادة بناء العقد الاجتماعي على أسس جديدة: تضامن، مساواة، وفعالية. إنها محاولة لخلق “دبلوماسية داخلية للتماسك الاجتماعي” تسند مشروع الدولة الوطنية في مواجهة تحديات التفكك والضغوط الخارجية.
وشدد الطرفان على أن العمل التضامني في الجزائر بات اليوم ركيزة من ركائز الأمن الاجتماعي الوطني، وأن مؤسسات الإعلام العمومي وشبه العمومي قادرة على أن تكون جسورًا للتفاعل الإيجابي بين الدولة والمجتمع.
كما عبّر المسؤولان عن التزامهما بمواصلة هذا النهج لتعميم المبادرات عبر مختلف ولايات الوطن، بما يضمن عدالة التوزيع والإنصاف في التنمية الاجتماعية.
إن استخدام أدوات الإعلام الوطني لدعم مشاريع التكافل الاجتماعي بحسب ذات المتابعين يعكس وعيًا سياسيًا متقدمًا بوظيفة الاتصال العمومي كأداة أمن ناعم. فالمؤسسة الإعلامية لم تعد تكتفي بدور التغطية، بل أصبحت شريكًا في صنع الصورة الجديدة للدولة الجزائرية كقوة مسؤولة اجتماعيًا.
من هذا المنظور، يمكن قراءة هذه المبادرات كجزء من سياسة اتصالية جديدة تهدف إلى ترميم الفضاء العمومي وتعزيز السردية الوطنية حول “الجزائر المتماسكة“.