أعلن راديو فرنسا الدولي (RFI) أن سلسلة متاجر كارفور الفرنسية انسحبت من عدة دول عربية بعد اتهامها بالتعامل مع شركات إسرائيلية تنشط في المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة. وهي خطوة شكلت صفعة قوية للتطبيع الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي.
وتشمل الدول التي أغلقت فيها الشركة فروعها الأردن وسلطنة عُمان والكويت والبحرين، في ما وصفه ناشطون مؤيدون لفلسطين بأنه انتصار لحملة المقاطعة وسلاح الاقتصاد الشعبي في مواجهة الاحتلال.
واتهمت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) شركة كارفور بإقامة شراكة تجارية مع المجموعة الإسرائيلية Electra Consumer Products وشركتها الفرعية Yenot Bitan التي تدير متاجر داخل المستوطنات.
كما كشفت الحركة أن فرع كارفور في “ إسرائيل ” دعم الجيش الإسرائيلي أثناء العدوان على غزة من خلال تقديم مساعدات للجنود المشاركين في العمليات العسكرية، ما أثار موجة غضب في الشارع العربي والإسلامي.
من جهته، نفى الرئيس المدير العام لمجموعة كارفور، ألكسندر بومبارد، هذه الاتهامات، مؤكدًا أن الشركة تتبع ما سماه “الحياد التام”، نافيًا وجود أي منتجات أو فروع في الأراضي المحتلة.
لكن منظمات حقوقية عديدة، بينها أوكسفام، أعادت التأكيد على أن كارفور متورطة في أنشطة تجارية غير قانونية مع المستوطنات، داعية الاتحاد الأوروبي إلى وقف التعامل مع أي شركة تمارس نشاطًا اقتصاديًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتفتح هذه الانسحابات الباب أمام صعود سلسلة “هايبر ماكس” التابعة لمجموعة ماجد الفطيم الإماراتية، الشريك الإقليمي السابق لكارفور، والتي استغلت الفرصة لتعزيز علامتها الخاصة وتوسيع وجودها التجاري.
ورغم أن المجموعة لم تربط رسميًا قرارها بحملة المقاطعة، إلا أن خبراء يرون أن الغضب الشعبي العربي والوعي المتزايد بخطر التطبيع التجاري مع الاحتلال كان لهما تأثير مباشر على هذا التحول.
وتشير تقارير راديو فرنسا الدولي إلى أن مجموعة ماجد الفطيم سجلت تراجعًا في إيراداتها بنسبة 10 في المائة خلال عام 2024، متحدثة عن تأثير “التوترات الجيوسياسية على معنويات المستهلكين”، فيما انخفضت عائدات التوزيع بنسبة 1 في المائة خلال النصف الأول من 2025.
وبينما تتراجع الشركات المتواطئة مع الاحتلال تحت ضغط الرأي العام العربي، يرى مراقبون أن المعركة الاقتصادية أصبحت جبهة موازية للدفاع عن غزة، وأن المقاطعة لم تعد مجرد موقف رمزي، بل أداة فاعلة لإضعاف الكيان الإسرائيلي وشركاته الداعمة للعدوان.
وهكذا يبرهن الشارع العربي مرة أخرى أن المال يمكن أن يكون سلاحًا، والمستهلك يمكن أن يكون مقاومًا.