آخر الأخبار

التجارة الإلكترونية في الجزائر: هل خرجت من دائرة التهميش إلى قلب الاقتصاد الوطني؟.. خبير اقتصادي يجيب

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

التجارة الإلكترونية في الجزائر: هل خرجت من دائرة التهميش إلى قلب الاقتصاد الوطني؟.. خبير اقتصادي يجيب

الجزائرالٱن _ في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، تخطو الجزائر خطوات واثقة نحو تبني التجارة الإلكترونية كرافد أساسي للتنويع الاقتصادي. فبعد سنوات من البناء التشريعي والبنية التحتية الرقمية، بلغ حجم المبادلات الإلكترونية في البلاد 1.9 مليار دولار في عام 2024، بنسبة نمو استثنائية بلغت 45% خلال سنتين فقط.

للوقوف على حقيقة هذه الأرقام وتحليل مساراتها المستقبلية، حاورت صحيفة “الجزائر الآن” الإلكترونية الأستاذ عبد الحكيم بوحرب من جامعة البليدة 2، الذي سلّط الضوء على عدة محاور جوهرية: ما هي العوامل الحقيقية وراء هذا الازدهار؟ كيف ساهم الإطار التشريعي في تنظيم هذا القطاع؟ وما هي التحديات والفرص التي تنتظر التجارة الإلكترونية الجزائرية في المستقبل؟

مصدر الصورة

قانون 2018: نقطة تحول لم تعد اختيارية

يؤكد الأستاذ بوحرب أنّ الجزائر لم تترك مسألة التجارة الإلكترونية للعشوائية، بل سبقت النمو الفعلي بتشريعات مؤطِّرة. ففي 10 ماي 2018، صدر القانون رقم 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية، والذي شكّل الإطار التشريعي الأساسي لتنظيم هذا النشاط في البلاد.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ رافقت هذا القانون تشريعات مكملة تتعلق ب حماية المستهلك والدفع الإلكتروني، مما وفّر بيئة قانونية متكاملة. وفي خطوة حديثة، تم تعديل قانون المعطيات الشخصية في جويلية من هذا العام، مما يعكس حرص المشرع الجزائري على مواكبة التطورات ومعالجة الثغرات التي قد تظهر مع التوسع في هذا المجال.

قفزة مذهلة: 45% نمواً في سنتين فقط

الأرقام التي يقدمها الأستاذ بوحرب مثيرة للانتباه حقاً. فقد قفز حجم التجارة الإلكترونية في الجزائر من 1.3 مليار دولار في عام 2022 إلى 1.9 مليار دولار في 2024، بمعدل نمو بلغ 45% خلال سنتين فقط. وفي بعض القطاعات، وصلت نسبة النمو السنوية إلى 20%.

هذه الأرقام، حسب بوحرب، تؤكد أن التجارة الإلكترونية لم تعد قطاعاً هامشياً في الاقتصاد الجزائري، بل أصبحت نشاطاً حيوياً له وزنه المالي المعتبر، مع تأثيرات إيجابية على الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل جديدة.

كيف انفجر السوق الرقمي الجزائري؟

شركات التوصيل: البطل الخفي وراء الطفرة

يشير الأستاذ بوحرب إلى أن دخول فاعلين جدد في المجال اللوجستي كان من أهم عوامل الازدهار. فقد ظهرت شركات متخصصة في التوصيل، وهي من الأنشطة الداعمة الحاسمة للتجارة الإلكترونية، إذ لا يمكن لهذا القطاع أن ينمو دون نظام توصيل فعّال وموثوق.

3 ملايين عملية دفع: الجزائري يكسر حاجز الخوف من البطاقة البنكية

شهدت عمليات الدفع الإلكتروني نمواً ملحوظاً، حيث سُجلت حوالي ثلاثة ملايين عملية عبر مختلف المنصات. ويرجع هذا النمو إلى توسع استخدام البطاقات البنكية وتزايد قبول المواطنين للدفع الإلكتروني بصفة عامة، وهو ما يعكس تحولاً ثقافياً مهماً في سلوك المستهلك الجزائري.

الجزائر بوابة رقمية لإفريقيا .. الواقع القادم

من العوامل الأساسية الأخرى، يذكر بوحرب انتشار الإنترنت عالي التدفق عبر مختلف ولايات الوطن، وتوسع الشبكات الدولية في الجزائر. والأهم من ذلك، أن الجزائر باتت تستهدف الآن ربطاً إقليمياً يمكّنها من لعب دور نقطة عبور رقمية محتملة في إفريقيا، وهو ما يفتح آفاقاً واعدة.

كما ساهم توسيع القاعدة الرقمية من قبل متعاملي الهاتف النقال، واعتماد بريد الجزائر على تطبيق “بريدي موب” في تعزيز هذا النمو، مما جعل الوصول إلى الخدمات الرقمية أكثر سهولة وانتشاراً.

إخراج الاقتصاد الموازي من الظل

يرى الأستاذ بوحرب أن توسع التجارة الإلكترونية سيكون له أثر كبير في تحسين الجباية مستقبلاً، وفي نقل العديد من الأنشطة من الاقتصاد غير الرسمي أو الموازي إلى القنوات الرسمية المؤطرة من طرف مؤسسات الدولة. وهذا التحول يعني مزيداً من الشفافية والموارد المالية للدولة.

من العاطل إلى رائد الأعمال الرقمي

التجارة الإلكترونية أصبحت رافداً حقيقياً لخلق مناصب شغل جديدة، سواء في مجال التطوير التقني، أو الخدمات اللوجستية، أو التسويق الرقمي، مما يدعم الناتج المحلي الخام ويساهم في التنويع الاقتصادي المنشود.

الثقة الرقمية هي المفتاح

رغم الأرقام المشجعة، يشدد الأستاذ بوحرب على أن هناك مساحات تحسين ضرورية لتعزيز دور التجارة الإلكترونية أكثر:

ـ تعزيز الدفع الإلكتروني: يجب دعم الدفع الإلكتروني عبر مختلف مكونات النظام المالي الجزائري، وتوسيع نطاق الخدمات المصرفية الرقمية.

ـ نشر ثقافة الثقة الرقمية: العمل على نشر ثقافة الدفع الإلكتروني وبناء الثقة في المعاملات عبر الإنترنت، خاصة لدى الفئات التي لا تزال متحفظة.

ـ ضبط أكبر للأنشطة: ضرورة ضبط أكبر لأنشطة التجارة الإلكترونية بالشكل الذي يحقق الحقوق لجميع المتعاملين والمتدخلين، من مستهلكين وتجار ومنصات.

وفي نهاية حديثه لـ”الجزائر الآن”، يركد الأستاذ عبد الحكيم بوحرب أنّ التجارة الإلكترونية في الجزائر لم تعد مجرد رقم أو إحصائية، بل هي قصة نجاح في التحول الرقمي، قصة بدأت بخطوات تشريعية حكيمة، واستمرت بجهود حثيثة في بناء البنية التحتية، وترجمت إلى نمو ملموس بلغ 45% في سنتين. ومع استمرار الجهود وتجاوز التحديات المتبقية، فإن هذا القطاع مرشح للعب دور أكبر في الاقتصاد الوطني، وربما الإقليمي، في السنوات القادمة.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا