أحدثت شركة سنغافورية صغيرة تدعى “سابيينت” ضجة عالمية بعد إعلانها عن ابتكار نموذج ذكاء صناعي جديد يعمل بطريقة تحاكي الدماغ البشري.
ووفق ما نشره موقع “ ساينس بوست “، فإن هذا النموذج قلب موازين المجال بعدما تفوق على أحدث الأنظمة الضخمة مثل “شات جي بي تي” من شركة “أوبن آي” وإلى جانب نماذج أخرى، رغم أنه يعتمد على عدد معاملات أقل بألف مرة.
وكشفت الشركة، أن نموذجها الجديد المسمى “النموذج الهرمي للتفكير” يعتمد على 27 مليون معامل فقط، في وقت تصل فيه أنظمة مثل النسخة الخامسة من شات جي بي تي إلى ما بين 3000 و5000 مليار معامل.
ورغم هذا الفارق الكبير، فإن النموذج الصغير حقق نتائج لافتة على اختبار صعب لقياس قدرات التفكير، إذ حصل على نسبة 40.3 في المائة متفوقًا على نماذج لشركات كبرى سجلت نسبًا أقل بكثير.
جدير بالذكر أن الباحثين قد استلهموا فكرتهم من الدماغ البشري، حيث تنقسم عملياته إلى مستويات متعددة: مناطق تدير الأفكار المعقدة على مدى طويل، وأخرى تنفذ الاستجابات السريعة في أجزاء من الثانية.
وبالمثل، يقسم النموذج عمله بين وحدة عليا تضع الخطط العامة، وأخرى دنيا تتولى الحسابات السريعة والمهام التفصيلية.
وتبرز قوة هذا النموذج في أنه لا يعتمد على أسلوب سلسلة التفكير “الذي يقسم المسألة إلى خطوات متتابعة مرهقة زمنيًا وتحتاج إلى كميات ضخمة من البيانات”. بدلًا من ذلك، يعالج المعلومات في دورة واحدة متكررة، يقرر خلالها ما إذا كان سيواصل التحليل أو يقدم الإجابة النهائية. هذه الطريقة جعلته أسرع وأكثر كفاءة من منافسيه.
وقد أثبت النموذج الجديد قدرته في اختبارات عملية، حيث تمكن من حل ألغاز معقدة مثل السودوكو بدقة عالية، كما تفوق في إيجاد الطرق داخل المتاهات، وهي مهام تفشل فيها غالبًا النماذج الضخمة.
ويرى خبراء، أن هذه النتائج تمثل نقلة نوعية في مفهوم التفكير الآلي، إذ لم يعد التفوق مرتبطًا بحجم البيانات والمعاملات، بل بكيفية تنظيم المعلومات ومعالجتها.
ورغم هذه النجاحات، أثارت التجربة نقاشًا بين العلماء. فقد أوضح المشرفون على الاختبارات أن التفوق قد لا يعود فقط للبنية الهرمية للنموذج، بل ربما لأسلوب تدريب خاص لم تكشف تفاصيله كاملة في الدراسة المنشورة على موقع أبحاث مفتوح. وهو ما يدعو إلى الحذر قبل إعلان نتائج نهائية.
ومع ذلك، تبقى خطوة “سابيينت” بارزة في تاريخ الذكاء الاصطناعي ، إذ تفتح المجال أمام أنظمة أكثر فعالية وأقل استهلاكًا للطاقة، وهو ما يكتسب أهمية متزايدة مع تصاعد المخاوف من الأثر البيئي للتقنيات الحديثة.