آخر الأخبار

عبد العزيز رحابي: "الجزائر أمام رهانات إقليمية معقّدة وفرنسا تعيش ارتباكًا مؤسساتيًا"

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

عبد العزيز رحابي: “الجزائر أمام رهانات إقليمية معقّدة وفرنسا تعيش ارتباكًا مؤسساتيًا”

في حوار أجراه معه حميد قماش، مدير صحيفة “ TSA “، قدّم الدبلوماسي والوزير السابق عبد العزيز رحابي قراءة معمّقة في أبرز القضايا السياسية والدبلوماسية التي تشغل الساحة. فقد تناول الأزمة مع مالي، قبل أن ينتقل إلى العلاقات المعقّدة مع فرنسا وما يطبعها من توترات مستمرة، كما تحدث عن أهمية معرض التجارة البينية الإفريقية، ليتوقف بعدها عند العدوان الصهيوني على قطر والأوضاع في سوريا.

مالي تسير على نهج المغرب في إدارة علاقتها مع الجزائر

في حديثه عن الأزمة مع مالي، قال رحابي أنّ هذا البلد الحدودي مع الجزائر الوسائل اللازمة للتعامل مع الجزائر ولهذا يعتمد على “ضمانات أو دعم غير إقليمي في عملية إضعاف الجزائر”.

وأكد أنّ باماكو “يغذي توترًا دائمًا مع الجزائر مستلهمًا نهج المغرب، ويبحث بلا شك عن تأخير التطبيع مع النيجر وبوركينا فاسو، اللذين ليس لدينا معهما أي خلاف”.

مصدر الصورة

وأوضح: “إن كان يمكن فهم أن هذين البلدين العضوين في تحالف دول الساحل (AES) يظهران روح التضامن مع باماكو، فإنّه من الصعب فهم أن تقوم نيامي وواغادوغو بحسب سفيريهما من الجزائر لمجرد أن باماكو استدعت سفيرها”.

عدم رد الجزائر على الاستفزاز الأخير لباماكو منطقي

وعن التطورات الأخيرة للأزمة ولجوء باماكو إلى محكمة العدل الدولية، قال رحابي: “البيان الأخير لباماكو بشأن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بعد ستة أشهر من التوغل في أراضينا وتدمير الجيش الجزائري لطائرة ماليّة مسيّرة تعمل لحساب قوة أجنبية هو محاولة لتدويل مشكلة ثنائية تدخل في إطار الروتين في العلاقات بين الدول الجارة سواء في السلم أو في الحرب”.

ورأى أنّ “غياب رد فعل من الجزائر لا يفاجئ”، موضحًا: “ربما يُراد بذلك تجنب تكرار تجربة المغرب ، الذي ليس لدبلوماسيته سوى ملف واحد هو الصحراء الغربية، والذي حاول أن يحاصر عاشر أكبر بلد في العالم، متعدد الحدود، في مواجهة ثنائية تُقلّص البعد القاري وأجندة بلدنا”.

وفي ما يتعلق بالبعد الإفريقي، شدّد رحابي على أن “على الجزائر أن تجدد مع رسالتها، عمقها الاستراتيجي وتحديات إفريقيا”، مذكّرًا بأن “في عهد الرئيس هواري بومدين كان ذلك دعم حركات التحرر، وفي عهد الرئيس الشاذلي بن جديد كان التكوين والتعاون الحكومي”، بينما “تميز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإلغاء الديون بدل تحويلها”.

وأكد: “اليوم، أعتقد أننا نراكم كل هذه التجارب للانتقال إلى مرحلة تحمل أقل إيديولوجيا وأكثر اقتصادًا… نحتاج إلى تطوير، إضافة إلى البنوك، قطاعًا سمعيًا بصريًا أكثر فاعلية موجهًا إلى قارتنا، وتشجيع إنشاء مراكز بحث و”خزانات تفكير” مكرسة للقارة الإفريقية”.

العلاقة مع فرنسا أزمة ثقة ومزايدات انتخابية

عن العلاقات الجزائرية–الفرنسية، أوضح رحابي أن “عدم الاستقرار المؤسسي في فرنسا يجعل من الصعب تحديد المحاورين لإيجاد نافذة مشتركة للتحاور”، مضيفًا أن “الكثير من الإشارات المتناقضة من باريس تجعل من الصعب قراءة موضوعية وواضحة في الجزائر”.

مصدر الصورة

واعتبر أن “الأزمة تدور أساسًا حول مسائل تنقل وإقامة الأشخاص”، مشددًا على أن “أمن وكرامة جاليتنا مطلب مركزي”.

ورأى أن “من المؤسف أن يُمثَّل بلدنا كمسألة أجندة داخلية في فرنسا”، حيث يقيس السياسيون “إلى أي مدى مجرد ذكر الجزائر سلبيًا هو ضمان للترقية السياسية”.

وحول الشروط، أكد: “يجب أن تتوقف التصعيدات في الخطاب وفي الإجراءات المتخذة ضد المصالح الدبلوماسية للجزائر كشرط مسبق لأي مناخ ثقة”، لافتًا إلى أن “بعض الإجراءات مثل رفض وصول ممثلي سفارتنا وقنصلياتنا في فرنسا إلى الطائرات والسفن أو تعليق تراخيص عمل الممثلين القنصليين هي تدابير تذكر بالحرب الباردة”.

تصريحات ساركوزي ابتزاز لا يشرف رئيس دولة سابق

أما عن تصريحات نيكولا ساركوزي الأخيرة، فقال: “تصريحات نيكولا ساركوزي التي تربط منح التأشيرات للجزائريين بعدد أوامر الإبعاد المقبولة تندرج في إطار ابتزاز لا يشرف صاحبها”، مضيفًا: “إنه يعرف ما تجلبه الجزائر انتخابيًا في فرنسا”.

وأشار إلى أن “ساركوزي رئيس سابق، فاعل مؤثر في اليمين، وزعيم اللوبي المؤيد للمغرب في فرنسا”، مبرزًا أن ما يقلق أكثر “هو تصويره للجزائر كبلد معادٍ للغرب ومسؤول عن فشل الاندماج الإقليمي”.

الجزائر تعيد ترتيب أوراقها الدبلوماسية عبر IATF 2025

في السياق الإفريقي والدولي، أبرز رحابي الدور الدبلوماسي الجزائري عبر تنظيم المعرض التجارة البينية الإفريقية، 2025 من 4 إلى 10 سبتمبر، مشيرًا إلى أثره على المستوى الدبلوماسي: “على الجزائر أن تجدد رسالته مع عمقها الاستراتيجي وتحديات إفريقيا. الأمر الذي كان سيضمن حضور الجزائر ومصالحها لدى الدول المستفيدة.”

وأضاف رحابي: “اليوم، نراكم كل الخبرات السابقة للانتقال إلى مرحلة أقل إيديولوجية وأكثر اقتصادًا، حيث أصبح الترابط الاقتصادي عامل اندماج أساسي. نحن بحاجة إلى تطوير قطاع سمعي بصري أكثر فاعلية موجّه لقارتنا، وتشجيع إنشاء مراكز أبحاث متطورة.”

وتابع: “التعاون الاقتصادي لا يتغذى فقط من ديناميكية داخلية، بل يحتاج إلى بيئة كاملة، كما أكّد معرض IATF 2025.”

العدوان الصهيوني على قطر إرهاب دولة

وفي تعليقه عن قصف الكيان الصهيوني لقطر، قال الوزير السابق، أنّ الحادثة تعتبر “سابقة ضد بلد من الخليج”، مؤكدًا أنّ ذلك “عدوان واضح ضد دولة ذات سيادة ليست في حالة حرب مع إسرائيل، إرهاب دولة لن يتوقف ما دامت الولايات المتحدة تؤمّن له التسليح والدعم الدبلوماسي غير المشروط والإفلات من العقاب”.

وأضاف: “تستمد إسرائيل قوتها أساسًا من الولايات المتحدة، ومن جزء من أوروبا، ومن ضعف العالم العربي”، مشيرًا إلى أن “الإبادة المبرمجة في غزة سرعت وعي المجتمع المدني الغربي، الذي اكتشف الطبيعة العدوانية والمتغطرسة لإسرائيل”.

وعن الموقف الأمريكي، قال: “كل ما هو جيد لإسرائيل هو جيد لأمريكا، التي كانت على علم بالهجوم والتي من الواضح لم تُبدِ أي اعتراض”، موضحًا أن “في هذه المنطقة من العالم العربي، تقدم الولايات المتحدة إسرائيل ليس فقط كممثل لمصالح الغرب، بل أيضًا كضامن لأمن الخليج ضد “التهديد” الإيراني”.

كما ذكر أن “منذ السبعينيات قصفت إسرائيل 7 دول عربية دون أن تُدان بسبب الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن”، مؤكدًا أن “مجلس الأمن أصبح أداة لإضفاء الشرعية على الحروب”.

وختم بالقول: “سيُعاد النظر في كثير من المسلّمات، وهذا العدوان على قطر يعيد مسألة التسوية العاجلة للقضية الفلسطينية إلى قلب استقرار المنطقة”، مضيفًا أن “السعوديين واعون بذلك ويضعون الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في صلب أي مبادرة دبلوماسية، وهو ما تطالب به الجزائر منذ الثمانينيات”.

سوريا بين المشاكل الداخلية والأطماع الصهيونية

وبخصوص الأوضاع في سوريا، أوضح عبد العزيز رحابي أن سوريا بعد فترة حكم الأسد تواجه تحديات كبيرة، إذ “تُمزّق بين مشاكلها الداخلية والأطماع الإسرائيلية في مناطقها الجنوبية”. وأضاف رحابي: “سوريا بلا شك البلد الذي يمتلك أكبر عدد من المقومات في المنطقة: نخبة، طبقة وسطى، اكتفاء غذائي، وتاريخ عريق يمتد لآلاف السنين. أما ضعفها فيكمن في عدم استثمار تنوعها الإثني واللغوي ليصبح قوة، وعلى هذه النقطة بالذات تعمل إسرائيل لإضعاف سوريا.”

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا