آخر الأخبار

عميد مسجد باريس يبعث برسائل هامة وصارمة

شارك
بواسطة محمد قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد قادري

الجزائر الآن _ أدان عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيظ ، بشدة حادثة تدنيس تسعة مساجد في باريس وضواحيها بعد أن عُثر على رؤوس خنازير عند مداخلها مصحوبة بكتابات حاقدة.

كما بعث برسائل واضحة ،هامة وصارمة للفاعلين بالمجتمع الفرنسي.

وقال حفيظ في بيان رسمي منشور على موقع المسجد: “لقد وصلنا إلى درك من الانحطاط، الكراهية تجاوزت خطًا رمزيًا حين تطال أماكن العبادة. إنها لا تستهدف المؤمنين فحسب، بل تضرب إمكانية العيش المشترك على أرض واحدة .”


* دعوة للتأمل بدل الاكتفاء بالإدانة

وأكد حافظ أن الغضب والدموع والصمت الجريح ردود فعل طبيعية أمام ما وصفه بـ”المشهد غير المحتمل”، لكنه شدد على أن المسؤولية الدينية تفرض ما هو أبعد من التنديد. وأضاف: “ واجبي كمسؤول ديني هو الدعوة إلى التفكير العميق. المجتمع الذي يستسلم للكراهية يسير نحو الهاوية، أما الذي يجرؤ على مساءلة نفسه فإنه يفتح بالفعل باب الشفاء .”


* أزمة ثقة تهدد العيش المشترك

واعتبر عميد مسجد باريس أن الحادثة تكشف أزمة أعمق من مجرد اعتداء معزول، مشيرًا إلى أن “العالم المشترك قد تصدّع”، في إشارة إلى غياب الثقة التي تحمل الكلمات المتبادلة بين مختلف مكونات المجتمع. وقال: “ما يقلق ليس فقط اهتزاز الدولة، بل إمكانية السكنى المشتركة داخل قصة واحدة .”


* استحضار أصوات فكرية

في بيانه، استشهد حافظ بمفكرين مثل حنّة آرندت، سيمون فايل، ومحمد أركون، وحتى الأديب المصري نجيب محفوظ ليبرز أن الأزمة الراهنة لا تُختزل في السياسة أو المؤسسات، بل ترتبط بجذور المجتمع وقدرته على إعادة بناء الثقة والانفتاح على الممكنات. وأضاف: “حين يتوقف المجتمع عن تخيّل بدائل جديدة، فإنه يحوّل عاداته إلى قضبان وذاكرته إلى سجن .”


* نداء إلى الأمل المشترك

وختم عميد مسجد باريس بدعوة الفرنسيين إلى عدم الانجرار وراء دوامة الاتهامات والبحث عن المسؤوليات فقط، بل إلى إعادة إحياء دائرة الحوار والأمل. وقال: “الديمقراطية مثل البيت القديم، لا تبقى واقفة إلا إذا قبل سكانها أن يضيفوا إليها حجارة ويشعلوا فيها المصابيح. ربما نحن في مرحلة انتقالية، لكن يمكن لهذا الشعب وطبقته السياسية أن يلتقيا مجددًا، كمسافرين ضلّا الطريق، ليكتشفا أنهما كانا يسيران نحو الفجر ذاته.”

و يجمع المراقبون بأن مسجد باريس الكبير، ام يكن منذ تأسيسه قبل قرن تقريبا، مجرد فضاء للعبادة، بل تحوّل إلى مؤسسة محورية داخل المجتمع الفرنسي.

فهو يمثل المرجعية الدينية الأولى للمسلمين في فرنسا، ويلعب دور الوسيط بين الدولة والجالية في القضايا الحساسة المرتبطة بالاندماج، الهوية، والحريات الدينية. وقد عرف المسجد بمبادراته المتواصلة لتعزيز ثقافة الحوار ومكافحة خطابات الكراهية، حتى أصبح رمزا وطنيا تتقاطع فيه قيم الجمهورية مع تطلعات ملايين المسلمين للعيش في إطار من الاحترام والاعتراف المتبادل.

ومن خلال بياناته ومواقفه، لا يكتفي المسجد بالتعبير عن مشاعر الجالية، بل يساهم في صياغة خطاب جامع يهدف إلى حماية السلم الأهلي والحفاظ على العيش المشترك داخل فرنسا.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا