الجزائرالٱن _ كريستيانو رونالدو، اللاعب الأعلى أجرًا في العالم والنجم الذي اشتهر بانضباطه الصارم، لا يكتفي بتطبيق دقته في الملاعب فقط، بل ينقل هذه العقلية أيضًا إلى حياته الخاصة. فكما يُعرف عنه أنه لا يترك أي تفصيلة في مسيرته الرياضية للصدفة، بدءًا من برنامجه الغذائي الصارم وحتى ساعات نومه المحددة، فإن الأمر ذاته يتكرر اليوم مع حياته الأسرية. زواجه المرتقب من جورجينا رودريغيز لم يكن إعلانًا عاطفيًا عابرًا كما يحدث مع غيره من المشاهير، بل كان خطوة محاطة بترتيبات قانونية دقيقة، أشبه ما تكون بعقود الاحتراف التي يوقعها مع الأندية الكبرى. وسائل الإعلام البرتغالية وصفت هذا الاتفاق بالبند “الذهبي”، وهو اسم لم يأتِ من فراغ، لأنه يتضمن شروطًا استثنائية تضمن لكل طرف حقوقًا واضحة ومفصلة، خصوصًا إذا حدث الطلاق.
تفاصيل مالية غير مسبوقة
أكثر ما أثار الاهتمام في هذه البنود هو ما نص عليه العقد من ضمانات مالية ضخمة لصالح جورجينا في حالة الانفصال. فرونالدو، الذي يُلقب بـ”آلة الانضباط”، لم يترك أي مجال للنقاش أو الخلاف المستقبلي، حيث أدرج بندًا يمنح جورجينا معاشًا شهريًا يناهز 114 ألف دولار، ما يعني أنها ستتقاضى أكثر من مليون دولار سنويًا مدى الحياة، بغض النظر عن استمرارية الزواج أو انتهائه. هذا المبلغ الضخم لا يُعتبر مكافأة عاطفية أو تفضّلًا شخصيًا، بقدر ما يُعبر عن عقلية اللاعب الذي يُشبه إدارة حياته الخاصة بإدارة استثماراته ومشواره الرياضي: كل شيء مؤمَّن، وكل احتمال محسوب.
عقار فاخر مضمون
ولم يقتصر الأمر على الأموال النقدية، بل تضمن الاتفاق أيضًا نقل ملكية عقار فخم إلى جورجينا في حالة الطلاق. الحديث هنا عن فيلا راقية في حي “لا فينكا” بمدريد، وهو من أكثر الأحياء حصرية وثراءً في العاصمة الإسبانية. الفيلا التي تُقدر قيمتها بأكثر من 5.6 ملايين دولار ليست مجرد بيت فخم، بل رمز لاستقرار اجتماعي ومكانة اقتصادية تليق بزوجة لاعب بقيمة كريستيانو. وبهذا الشرط يضمن رونالدو أن جورجينا وأطفاله لن يجدوا أنفسهم دون مقر إقامة فاخر ينسجم مع نمط الحياة الذي اعتادوا عليه طوال السنوات الماضية.
ثروة تجعله في مأمن
قد يعتقد البعض أن هذه البنود تشكل عبئًا ماليًا حتى على لاعب عالمي، غير أن الواقع يُظهر عكس ذلك. رونالدو اليوم في سن الأربعين، لكنه ما يزال الرياضي الأعلى دخلًا في العالم، حيث يحصل على أكثر من 230 مليون دولار سنويًا من عقده مع نادي النصر السعودي وحده، دون احتساب عائدات الإعلانات وصفقاته التجارية. ولو تم تفكيك هذا الرقم، لوجدنا أن راتبه يعادل أكثر من 16.6 مليون أورو شهريًا، أي نحو 4.1 ملايين أورو أسبوعيًا، وقرابة 595 ألف أورو يوميًا، وهو ما يعني أنه يحقق في ساعة واحدة ما يفوق دخل آلاف الأشخاص في عام كامل. أمام هذه الأرقام، فإن تخصيص مليون دولار سنويًا لجورجينا في حال الطلاق يبدو بالنسبة له مجرد تفصيل صغير، لا يهدد ثروته الهائلة ولا يؤثر على أسلوب حياته الفاخر.
الطلاق كملف محسوم مسبقًا
ما يميز هذا الاتفاق ليس فقط حجم الأرقام، بل طبيعة العقلية التي يقف خلفه. فبدل أن يكون الطلاق ملفًا صعبًا مليئًا بالنزاعات القضائية، كما يحدث مع كثير من المشاهير، حسم رونالدو الأمر مسبقًا، ووضع خطوطًا واضحة لا تقبل المساومة. فلو حدث الانفصال، فلن تكون هناك مفاجآت أو صراعات حول الممتلكات، لأن العقد يحدد مسبقًا كل بند وكل التزام، بدءًا من المعاش الشهري وصولًا إلى ملكية العقار. هذا الأسلوب يعكس نظرة احترافية لحياة خاصة قد يراها البعض معقدة، لكنه بالنسبة لرونالدو استمرار طبيعي لفلسفة حياتية أساسها الانضباط والتنظيم.
من الملاعب إلى البيت.. نفس الفلسفة
لم يكن رونالدو يومًا لاعبًا تقليديًا، فهو الذي صنع مسيرة رياضية أسطورية بفضل جديته المطلقة. واللافت أن هذه الجدية لم تتوقف عند حدود التدريب أو المنافسة، بل امتدت إلى أسرته وأدق تفاصيل حياته الشخصية. حتى الزواج، الذي عادة ما يرتبط بالعاطفة، تحوّل في حالة رونالدو إلى عقد احترافي يوازن بين المشاعر والواقع المالي والقانوني. والنتيجة أن الطلاق – إن وقع – لن يكون مأساة اقتصادية أو اجتماعية، بل إجراء إداري مغطى بعقود مُحكمة، تمامًا مثل أي صفقة انتقال كبرى في كرة القدم.