شدد وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، الطيب زيتوني، على الدور المحوري للسجل العمومي للمستفيدين الحقيقيين باعتباره درعاً واقياً ضد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكدا أن هذه القضية تتجاوز النقاش التقني لتصبح مسألة سيادة وطنية وأمن اقتصادي.
وأكد زيتوني خلال إشرافه على افتتاح أشغال اليوم الإعلامي حول السجل العمومي للمستفيدين الحقيقيين، المنظم من طرف المركز الوطني للسجل التجاري، بحضور نخبة من المسؤولين والخبراء وممثلي الهيئات الرقابية والأمنية والمتعاملين الاقتصاديين أن الجزائر دخلت مرحلة جديدة من الإصلاحات البنيوية العميقة، بفضل الرؤية المتبصرة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي جعل من الشفافية والنزاهة والحوكمة الرشيدة ركائز أساسية لبناء دولة قوية بمؤسساتها، محصنة ضد كل أشكال الفساد المالي والإداري.
وشدد زيتوني على أن تحديد هوية المستفيد الحقيقي يحتل مكانة محورية في هذا المسار، باعتباره الخط الأول للدفاع عن الاقتصاد الوطني، وآلية استراتيجية تكشف أي محاولات للتمويه أو استغلال الكيانات القانونية والمالية لأغراض مشبوهة، وعلى رأسها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وأشار الوزير إلى أن التزامات الجزائر الدولية، لاسيما مع مجموعة العمل المالي (FATF) والاتفاقيات العربية والإفريقية ذات الصلة، تعكس حرص الدولة على مواكبة المعايير العالمية، وضمان شفافية منظومتها القانونية والمالية، بما يعزز مكانة البلاد على الساحة الدولية.
ولتحقيق هذا الهدف، بادرت الجزائر إلى إنشاء السجل الوطني للمستفيدين الحقيقيين كمنصة مركزية لتجميع وتحديث بيانات الملكية الفعلية للأشخاص المعنويين، بما يمكن السلطات المختصة من رصد التدفقات المالية المشبوهة، وإغلاق الثغرات التي قد يستغلها المتلاعبون، وتأمين الاقتصاد الوطني من المخاطر العابرة للحدود.
وأشار المسؤول الاول عن قطاع التجارة الداخلية إلى المساعي التي أطلقها قطاعه الوزاري لاستحداث السجل التجاري الرقمي الذي سيضفي مزيداً من الشفافية الاقتصادية من خلال الربط البيني لبيانات المركز الوطني للسجل التجاري وسائر المؤسسات الشريكة، وهي: المديرية العامة للضرائب، الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء، الجمارك، البنوك، قطاع الداخلية والجماعات المحلية، وكذا مصالح العدالة.
وأكد زيتوني أن هذه المبادرات تسهم في تحقيق الانسجام مع توصيات مجموعة العمل المالي (GAFI) رقم 24 و25، التي تشكل مرجعاً أساسياً في هذه المساعي. فالتوصية الأولى (24) تدعو إلى ضمان الشفافية التامة وتوفير بيانات دقيقة عن المستفيدين الحقيقيين، أما التوصية الثانية (25)، فتؤكد على تطبيق الشفافية نفسها على الهياكل القانونية مثل الصناديق والاتفاقات الاستئمانية، لضمان الرصد الفعال ومنع التلاعب.
وشدد الوزير على أن فعالية هذا السجل لن تكتمل إلا من خلال التزام جماعي من كافة المتعاملين الاقتصاديين والأشخاص المعنويين بالتصريح الشفاف والدوري، بما يعزز ثقة السوق، ويجعل من الجزائر بيئة آمنة للاستثمار والتنمية، وأضاف أن قطاع التجارة الداخلية، بالتعاون مع السلطات الرقابية والأمنية، سيظل حريصاً على إرساء الآليات اللازمة لتفعيل هذه التوصيات وجعلها واقعاً عملياً يترجم في حماية الاقتصاد الوطني.
وختم وزير الداخلية كلمته بالتأكيد على أن النجاح في هذا المسعى ليس إدارياً أو تقنياً فحسب، بل هو نجاح وطني جماعي يبعث برسالة واضحة للعالم، مفادها أن الجزائر الجديدة مصممة على تحصين اقتصادها، وحماية سيادتها المالية، والدفاع عن مصالحها الاستراتيجية، وأنها لا تتسامح مع أي محاولات للمساس بمصداقيتها أو استقرارها المالي.
وأعرب عن ثقته بأن النقاشات والمخرجات التي ستنبثق عن أشغال اليوم الإعلامي، ستكون حجراً جديداً يضاف إلى صرح الجزائر الجديدة، ودليلاً آخر على أن البلاد تسير بخطى ثابتة نحو اقتصاد قوي، شفاف، وآمن.