الجزائرالٱن _ في تقرير حديث يحمل رسالة صادمة، كشفت منظمة «أوكسفام» الدولية أن أربعة فقط من كبار الأثرياء في إفريقيا يملكون مجتمعين ثروة تفوق ما يمتلكه نصف سكان القارة مجتمعين، أي ما يعادل ثروة اكثر من 800 مليون إنسان.
التقرير الذي صدر في 9 جويلية 2025 بعنوان «أزمة عدم المساواة في إفريقيا وصعود الأثرياء فاحشي الثراء»، جاء ليضع النقاط على الحروف بشأن الفجوة الآخذة في الاتساع بين القلة التي تزداد غنى، والأغلبية التي ترزح تحت خط الفقر والجوع.
■ مليارات قليلة مقابل جوع الملايين
بحسب بيانات أوكسفام، فإن ثروة هؤلاء الأربعة بلغت نحو 57.4 مليار دولار، يتصدرهم النيجيري أليكو دانغوتي (23.3 مليار دولار)، ثم يوهان روبرت وعائلته من جنوب إفريقيا (14.2 مليار دولار)، ونيكي أوپنهايمر وعائلته من جنوب إفريقيا أيضًا (10.2 مليار دولار)، وأخيرًا المصري ناصف ساويرس (9.4 مليارات دولار)
وفي المقابل، يعيش أكثر من 850 مليون إفريقي في دائرة انعدام الأمن الغذائي، بزيادة تقدر بـ20 مليون إنسان منذ 2022 وحدها، ما يكشف عن تناقض صارخ بين الأرقام الفلكية لثروات الأفراد والفقر المدقع لملايين البشر.
■ مليارديرات أكثر.. عدالة أقل
يُظهر التقرير أن عدد المليارديرات في إفريقيا قفز من صفر في عام 2000 إلى 23 مليارديرًا اليوم، بثروة إجمالية تصل إلى 112.6 مليار دولار، أي بزيادة نسبتها 56% خلال خمس سنوات فقط. وفي المقابل، تتآكل قدرات الحكومات على تقديم أبسط الحقوق: تعليم، صحة، وحماية اجتماعية.
■ نظام ضريبي يخدم الأثرياء
وتشير أوكسفام إلى أن السبب الأبرز وراء هذا التركز الفاحش للثروة هو غياب عدالة جبائية حقيقية؛ إذ تجمع الحكومات الإفريقية في المتوسط 0.3% فقط من الناتج المحلي الإجمالي من ضرائب الثروة، وهي أقل نسبة على مستوى العالم، مقابل 1.8% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتعتمد معظم الدول على الضرائب غير المباشرة، كضريبة القيمة المضافة، التي يدفع ثمنها الفقراء بينما يتهرب الأثرياء من المساهمة العادلة.
■ اقتراحات أوكسفام: حلول بسيطة وممكنة
في مواجهة هذا الواقع، تقترح أوكسفام فرض ضريبة بنسبة 1% على الثروات و10% على دخول كبار الأثرياء، ما يمكن أن يدرّ ما يصل إلى 66 مليار دولار سنويًا، وهو رقم كافٍ لسد عجز ميزانيات قطاعات التعليم والكهرباء في القارة برمتها.
وفي هذا السياق، شددت فاتي نزي-حسان، مديرة أوكسفام في إفريقيا، على أن ثروة القارة «ليست ضائعة بل منهوبة»، مؤكدة أن النظام الحالي منحاز لصالح نخبة قليلة “تُراكم المليارات بينما يُحرم الملايين من حقوقهم الأساسية”
■ اختبار حقيقي أمام قادة الاتحاد الإفريقي
يتزامن نشر التقرير مع انعقاد اجتماع التنسيق نصف السنوي للاتحاد الإفريقي في مالابو، غينيا الاستوائية، حيث تأمل أوكسفام أن يكون هذا التحذير حافزًا حقيقيًا للضغط من أجل إصلاحات ضريبية عادلة تضع حداً لتنامي هذه الهوة الخطيرة بين القلة الثرية والغالبية المحرومة.