آخر الأخبار

من الأوراس إلى الشاشات: نوفمبر يعود بلغة الجيل الرقمي

شارك
مصدر الصورة
الكاتب: رئيس التحرير

■ عمود يومي | الآن فقط

الجزائر الآن _ لم تعد بطولات نوفمبر تليق بها خزائن الأرشيف وحدها، ولا تكفيها صفحات الكتب ولا حصص التاريخ التي تُدرَّس بأسلوب جامد في الفصول الدراسية.

إن روح الثورة الجزائرية التي فجّرها أبطال الأوراس ليلة الفاتح من نوفمبر تستحق أن تبقى حيّة نابضة في كل قلب شاب، بلغة يفهمها هذا الجيل: لغة التكنولوجيا والألعاب والشاشات والذكاء الاصطناعي.

فالذاكرة الوطنية لم تعد حبيسة المتاحف والكتب، ولا الثورة الجزائرية مجرّد قصة تُروى في المناسبات.

نحن في زمنٍ يتحدث بلغة الشاشات والذكاء الاصطناعي، وجيلٍ لا يقرأ التاريخ إلا إذا تحوّل إلى مغامرة على هاتفه.

وفي خضم هذا التحول الرقمي العميق، يخرج نوفمبر العظيم من الأرشيف… ليُقاتل من جديد، ولكن على جبهة أخرى: جبهة الوعي والهوية والانتماء.

مصدر الصورة

ما أطلقته وزارة المجاهدين وذوي الحقوق هذا الأسبوع، من مشروع لعبة إلكترونية تربوية تاريخية موجهة للناشئة، ليس مجرّد مشروع ترفيهي عابر، بل خطوة ذكية تنقل القيم العظيمة للثورة من جدران الصف إلى أزرار الهواتف ولوحات المفاتيح.

من يخوض هذه اللعبة، عليه أن يمر عبر 7 مراحل، وتجري كل مرحلة في ولايات من الولايات التاريخية السبع، يعيش فيها بعضًا من حلم الأمس، وينتقل خلالها من معركة إلى معركة، ومن بطل إلى بطل، حتى يفهم أن الحرية التي ننعم بها اليوم صُنعت بتضحيات جسيمة.

وليست هذه هي المبادرة الأولى.

قبل خمس سنوات فقط، نجح شاب جزائري في تحويل ذاكرة نوفمبر إلى مغامرة حربية شيّقة أطلق عليها اسم «أشباح نوفمبر»، حيث قاد اللاعب شخصية الزعيم الراحل هواري بومدين ليواجه جنود الاحتلال ويعيد رسم مسار التحرير خطوةً بخطوة، في قلب مدن الجزائر وأحراش الأوراس التي دوّى فيها صوت أول رصاصة حرية.

مصدر الصورة

إن مثل هذه الأفكار ليست بديلة عن الكتاب أو الدرس، لكنها جسر يربط الماضي بمستقبل الأجيال. جيل اليوم ابن الشاشة واللعبة الذكية، ومن الأجدر أن يجد في ذكاء برامجه وقصص أبطاله ما يذكره بأن هذه الأرض خضّبتها دماء رجال ونساء قاوموا حتى آخر نفس.

هكذا نُعلّم أولادنا أن نوفمبر ليس يوماً في الرزنامة ولا شعاراً يُردّد في المناسبات، بل هو قصة متجددة تستحق أن تُحكى لهم بلغتهم، وبالوسائل التي تأسر انتباههم، وتزرع فيهم جذوة الفخر والانتماء.

ففي عالمٍ تهيمن عليه الصور المتحركة والذكاء الاصطناعي، تبقى ذاكرة نوفمبر بحاجة إلى أن تُروى بلغة هذا الجيل.

فكما حمل الثوار السلاح ليصنعوا التاريخ، فلنحمل نحن الأدوات الرقمية لنصنع الوعي، وننقله من الورق إلى الواقع الافتراضي… ومن الحصص الجامدة إلى نبض اللعبة

من الأوراس إلى الشاشات… هكذا نحفظ الذاكرة، وهكذا نُحيي الثورة من جديد.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا