آخر الأخبار

(مساهمة) تحليل رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى 63 للاستقلال والشباب.

شارك
مصدر الصورة
الكاتب: بقلم البروفيسور عبد القادر بريش

الجزائرالٱن _ تكتسي رسالة رئيس الجمهورية، السيّد عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى الثالثة والستين (63) لاستقلال الجزائر (5 جويلية 1962 – 2025) أهمية بالغة، لما تحمله من أبعاد سياسية واستراتيجية تتجاوز البعد الاحتفائي لتلامس جوهر المشروع الوطني في سياق دولي متحول، ووطني موسوم بجملة من الرهانات. إن هذه الرسالة لم تكن مجرد استذكار لتاريخ مجيد، بل مثلت خطابًا تعبويًا يسعى إلى إعادة شحن الوعي الوطني من خلال استلهام العبرة من ثورة التحرير الوطني، وتوظيف رمزية الاستقلال في تعزيز مناعة الدولة وتوجيه الطاقات الوطنية، خاصة الشباب، نحو بناء مستقبل سيادي ومستقر.

■ أولًا: البعد السياسي والاستراتيجي في ضوء السياق الوطني والدولي

ركز الرئيس تبون في رسالته على تعزيز الحصانة الوطنية وتقوية مؤسسات الدولة، كخيار استراتيجي لمواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية. في عالم موسوم بالاضطراب الجيوسياسي والتحولات العميقة في موازين القوى، تبرز الحاجة إلى دولة قوية بمؤسساتها وجيشها واقتصادها. وقد شدد الرئيس على أهمية التلاحم الوطني واليقظة الداخلية لمجابهة التهديدات والأطماع، في تلميح إلى ضرورة التحصين الشامل للدولة الجزائرية.

■ ثانيًا: رمزية الاستقلال واستعادة السيادة كرافعة للتعبئة الوطنية

الرسالة أعادت توظيف رمزية استقلال 1962، لا كحدث تاريخي، بل كمرجعية نضالية تشحن الذاكرة الجماعية وتعزز الانتماء. وقد ربط الرئيس بين استرجاع السيادة الوطنية وبناء الدولة الحديثة، في تأكيد على أن الاستقلال ليس محطة من الماضي، بل مشروع دائم للتجدد الوطني. في هذا الإطار، تُستدعى معاني التضحية والوحدة لمواجهة التحديات الراهنة بنفس الإرادة التي هزمت الاستعمار الفرنسي.

■ ثالثًا: توجيه الرسالة للشباب كرهان استراتيجي للمستقبل

حرص الرئيس تبون على أن يكون الشباب في قلب الرسالة، باعتبارهم ورثة الذاكرة وحملة المشروع الوطني. وقد اقترنت الذكرى بعيد الشباب، في دلالة قوية على أن بناء المستقبل يمر عبر تعبئة هذه الفئة الحيوية وتحميلها مسؤولية مواصلة المسار. إن استثمار طاقات الشباب في خدمة الوطن يشكل إحدى الركائز الأساسية لضمان الاستمرارية السيادية ومناعة الدولة.

■ رابعًا: التحديات والرهانات التي تواجه الدولة الوطنية

تُشير الرسالة إلى ضرورة التعامل مع الرهانات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بنَفَسٍ جديد وثقة في القدرات الوطنية. في ظل ضغوط متزايدة خارجية وداخلية، فإن الجزائر مطالبة بتعزيز استقلال قرارها الوطني، وتحقيق أمنها الطاقوي والغذائي، والتحكم في الفضاء الرقمي، مع المحافظة على تماسكها الاجتماعي ووحدتها الترابية.

■ خاتمة

جاء خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى 63 للاستقلال مؤطرًا برؤية استراتيجية تستلهم العبرة من الماضي وتتطلع إلى المستقبل. خطاب يجدد العهد مع ثوابت الأمة، ويؤسس لمرحلة جديدة من السيادة المتجددة، مرتكزها الشباب، وعمقها التاريخ، ورافعتها الدولة الوطنية القوية.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا