الجزائرالٱن _ أعاد القرار الذي صادق عليه البرلمان الإيراني، والقاضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تسليط الضوء على مسار البرنامج النووي الإيراني وما يحيط به من ضغوط وحسابات معقدة. ووسط اتهامات رسمية للوكالة بالتحيّز إلى الدول الغربية وتوفير غطاء لهجمات جوية استهدفت منشآت نووية إيرانية، تتّجه طهران إلى تجميد التعاون ما لم تضمن أمن مواقعها وخبرائها.
■ قانون طارئ بوجه الضربات الجوية
الإجراء الإيراني جاء تتويجًا لسلسلة تحركات أعقبت الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية التي استهدفت مواقع استراتيجية مثل فوردو ونطنز وأصفهان في الثاني والعشرين من جوان الماضي. وبموجب خطة طارئة من مرحلتين، ألزم البرلمان الحكومة بتعليق كل أشكال التعاون الرقابي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الحصول على ضمانات كافية لحماية البرنامج والعاملين فيه.
وبينما صادق الرئيس الإيراني رسميًا على هذه الخطوة، يرى مراقبون أنها تمثّل رسالة ضغط قبل أن تكون قطيعة نهائية، إذ تركت طهران الباب مواربًا أمام أي تحرك يضمن لها تأمين منشآتها دون انتهاك حقها في النشاط النووي السلمي.
■ هجمات وأرقام متضاربة
في خلفية هذا التصعيد، لا تزال الروايات حول حجم الأضرار مختلفة. فبينما أعلن مسؤولون أمريكيون أن الضربات «حيدت القدرة النووية الإيرانية بالكامل»، نقلت مصادر مستقلة تقديرات معاكسة تقول إن منشأة فوردو ظلت صامدة جزئيًا. من جانبه، نفى رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الذرية، صحة الادعاءات حول تدمير كامل للبرنامج الإيراني، مؤكداً في أكثر من حوار أن الصورة “أكثر تعقيدًا”
■ ضغوط الغرب: آلية الزناد تلوح في الأفق
تعليق التعاون الرقابي، إذا نُفّذ بالكامل، قد يفتح الباب أمام عواقب ثقيلة على إيران. إذ تحذّر دوائر أوروبية من أن حجب مفتشي الوكالة سيقوّض مبدأ الشفافية الذي أرساه الاتفاق النووي لعام 2015، ما قد يدفع أطرافًا مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى تفعيل «آلية الزناد» التي تُعيد تلقائيًا فرض عقوبات الأمم المتحدة المجمّدة.
ينص الاتفاق على حق الوكالة في الوصول الفوري إلى المواقع المشكوك فيها خلال 24 ساعة، وأي تعطيل لهذه القاعدة يهدد بإعادة الملف الإيراني إلى أروقة مجلس الأمن وربما اتخاذ خطوات أكثر حدة، قد لا تقف عند حدود العقوبات الاقتصادية فقط.
■ مأزق جديد أم ورقة ضغط؟
تدرك طهران أن التصعيد قد يعيدها إلى مربع العزلة والحصار، لكنها تراهن على أن رفع كلفة الهجمات الصهيونية والأمريكية سيدفع الغرب إلى مراجعة حساباته أو على الأقل التراجع عن «تجاهل» أمن المنشآت النووية الإيرانية.
وفي وقت تتزايد فيه الضغوط الداخلية لدفع الحكومة نحو مواقف أكثر تشددًا، يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة: من تفاهمات اللحظة الأخيرة إلى قطيعة تامة تعيد التوتر مع المجتمع الدولي إلى ذروته.