■عبد الرزاق بوكبة لـ”الجزائر الآن”: المشكلة في المنظومة وليس في المؤثرين
الجزائر الآن _ في زمنٍ باتت فيه رسائل المؤثرين على “السوشيال ميديا” أكثر رواجًا وانتشارًا من صوت المثقف التقليدي، يرى الكاتب والروائي والإعلامي عبد الرزاق بوكبة أن هناك مؤشرات واضحة جعلت هذا الجيل الجديد يتفوّق على النخب الثقافية الكلاسيكية.
وفي تصريحه لصحيفة “الجزائر الآن”، يقول بوكبة:
“لا يمكنني تشجيع صنّاع المحتوى، ولا ذمّهم. فليس لهم ذنب سوى أنهم استغلوا فرصة أتاحتها لهم مواقع التواصل الاجتماعي.”
ويضيف أن المشكلة لا تكمن في هؤلاء الشباب، ولا حتى في إدارة منصات التواصل الاجتماعي، بل في خلل أعمق داخل المنظومة الثقافية برمّتها، حيث أصبح المثقف عاجزًا عن التفاعل، ويكاد يعيش خارج العصر.
“الفنان والمثقف لا يتضامن مع زميله حتى بـ’لايك’ في منشور فايسبوك، بينما يحصد بعض المؤثرين الملايين من الإعجابات والمشاهدات”، يقول بوكبة بنبرة انتقاد حادّة.
ويعتقد أن هذا العزوف عن العصر ولغته هو ما سمح بانتقال زمام التأثير إلى المؤثرين، خاصة بعد ما كشفته جائحة كورونا من هشاشة المنظومة الثقافية، وعجزها عن التأقلم مع التحولات الرقمية.
كما أشار إلى أن الجمهور الحالي بات يجد نفسه في تناغم تام مع المؤثرين، لا لعمق محتواهم، بل لانسجامهم مع لغة العصر، في ظل غياب شبه تام للقيم الثقافية والتربوية في صورتها الإعلامية.
في المحصلة، لا يُلام المؤثر حين يملأ فراغًا تركه المثقف، ولا تُلام الجماهير حين تبحث عن من يُشبهها في اللغة والإيقاع والزمن.
إن الأزمة الحقيقية تكمن في مثقفٍ اختار العزلة، ورفض النزول من برجه العاجي للتفاعل مع تحوّلات العصر.
وإذا لم يُراجع هذا المثقف موقعه، بحسب المتابعين ، ويُعيد التفكير في أدواته وخطابه، فسيظلّ المشهد الثقافي رهينة لمن يملك التفاعل، لا من يملك المعرفة.
كما قال المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي:
“المشكلة في هذا العصر أن الجهلة متأكدون من كل شيء، بينما العقلاء يملؤهم الشك.”
فـالشرعية اليوم لم تعد تُمنح لمن “يعرف”، بل لمن “يؤثّر”—وهنا يكمن التحدي الأخلاقي والثقافي الأكبر.