الجزائرالٱن _ كشفت شركة توسيالي الجزائر، أحد أكبر أقطاب الصناعة المعدنية في البلاد، عن خطة توسعية غير مسبوقة لتكثيف صادراتها من الحديد والفولاذ خلال هذا العام، واضعة نصب عينيها هدف تسويق مليوني طن من منتجاتها إلى الخارج بعائدات مقدرة بمليار دولار .
وجاءت هذه الأرقام خلال مشاركة المجمع في فعاليات معرض الجزائر الدولي 2025، حيث أكد أحد المسؤولين أن توسع صادرات الفولاذ المسطح وحديد البناء جاء مدفوعًا بتشغيل وحدات إنتاجية جديدة، من بينها وحدة صفائح الفولاذ التي دخلت مرحلة الخدمة الفعلية في أكتوبر 2024، ما مكن الشركة من بلوغ رقم تصدير قارب 100 مليون دولار خلال شهر جوان فقط .
■ خطوة نحو أسواق جديدة بعد تغطية الطلب المحلي
ووفق ما صرح به نفس المصدر، فإن المجمع تمكّن من تلبية جزء معتبر من احتياجات السوق الوطنية، ما أتاح له التوجه بقوة نحو الأسواق الخارجية، وخاصة دول البحر الأبيض المتوسط. ويطمح المجمع اليوم إلى تعزيز حضوره في أوروبا، بعد أن واجه في 2022 عقبات حدّت من اختراق هذه السوق، مثل استهلاك داخلي مرتفع وإجراءات دخول معقدة .
■ منافسة خارجية وضغط لحماية المنتج الوطني
زيارة وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات كمال رزيق إلى جناح توسيالي كشفت أيضًا عن مخاوف المصنعين المحليين من المنافسة الخارجية، إذ أعرب مسؤولو المجمع عن قلقهم من تدفق واردات فولاذية من دولتين لم يُسمّوهما، واعتبروها منافسة غير عادلة تهدد تنافسية المنتج الوطني. وطالبوا بإجراءات لحماية السوق المحلية وإجراءات تيسير ولوج منتجاتهم إلى أسواق الاتحاد الأوروبي بدعم حكومي مباشر .
■ السلطات ترد: أولوية لتوازن السوق
في المقابل، أكد الوزير رزيق أن الحكومة الجزائرية تواصل مساعيها لتذليل العقبات أمام الصادرات الجزائرية، خاصة نحو أوروبا، مع الحفاظ على التوازن بين تزويد السوق المحلية وتطوير الصادرات. وشدد على أهمية التنسيق بين كبار المتعاملين في قطاع الحديد والصلب لضمان استقرار السوق الداخلي وعدم حدوث أي ندرة في المواد الأساسية .
واختتم الوزير زيارته برسالة واضحة: “نلتقي في 31 ديسمبر لنرى هل تحقق هدف المليار دولار أم لا “
■ مشروع صناعي متكامل واستراتيجية أوسع
مجمع توسيالي الجزائر، الذي يُعد ثمرة شراكة جزائرية–تركية، تحول إلى رقم صعب في معادلة الصناعة الثقيلة الوطنية، إذ يضم 17 وحدة إنتاج ويشغل أكثر من 2200 عامل، مع توقعات بزيادة عدد العمال إلى 2700 مع دخول وحدة الدرفلة على البارد مرحلة الإنتاج قريبًا، لتصل الطاقة الإنتاجية الإجمالية إلى 8 ملايين طن سنويًا في أفق 2026، مقابل 6 ملايين طن حاليًا .
وخلال الأشهر الأخيرة، كثّف المجمع صادراته إلى إيطاليا وإسبانيا وتركيا، كما وقع عقودًا جديدة مع تونس وجنوب إفريقيا وأسواق أوروبية أخرى، بينما يبقى الهدف الأبعد هو مضاعفة قيمة الصادرات إلى 2 مليار دولار سنويًا ابتداءً من 2026 .
■ الرهان على المواد الأولية المحلية
ولتقليل فاتورة استيراد المواد الأولية وضمان استدامة الإنتاج، يستعد المجمع لتشغيل وحدة لمعالجة خام الحديد المستخرج من منجم غار جبيلات بولاية بشار، بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.6 مليون طن سنويًا. خطوة من شأنها تقليص الاعتماد على خامات الحديد المستوردة وتلبية حاجيات مركّب وهران من مواد أولية محلية .
وبهذا المسار، يراهن توسيالي على أن يتحول من مصنع وطني إلى قطب تصديري رائد، مساهمًا في دفع عجلة التنويع الاقتصادي وتقليص التبعية للمحروقات، في وقت تبحث فيه الجزائر عن أسواق جديدة لإعادة التموقع في خارطة التجارة الإقليمية والدولية .