خطت الجزائر خطوة جبارة نحو تعزيز حماية ثرواتها الطبيعية باعتماد أحدث الحلول التكنولوجية، حيث شهدت ولاية البويرة إطلاق تجربة رائدة عبر طائرات مسيرة جزائرية الصنع خصصت لمهام المراقبة الجوية ومكافحة حرائق الغابات.
وقالت جريدة “l’expression” الناطقة بالفرنسية، إن هذه المبادرة تأتي بعد أن تم تجهيز مختلف ولايات الوطن بهذه الطائرات في إطار خطة استباقية لمواجهة سيناريوهات الحرائق المدمرة التي عصفت بآلاف الهكتارات خلال السنوات الماضية.
وقد انطلق في غابة إريش الشاسعة، نموذج المسماة “أوراس 700” من بساط أبيض بوزن ابتدائي لا يتجاوز 5 كلغ، لكنه يتضاعف فور الإقلاع نتيجة الحمولة التقنية المتقدمة. هذه الطائرة قادرة على التحليق حتى علو 6000 متر وبسرعة تصل إلى نحو 29 كيلومترا في الساعة، ما يتيح لها مسح مساحات شاسعة بدقة متناهية خلال فترة طيران تدوم نصف ساعة كاملة.
وما يزيد من أهمية هذا الابتكار الوطني أنه مجهز بنظام رؤية ليلية يضمن استمرار المهام دون انقطاع حتى بعد غروب الشمس، وهو ما أكدته مصادر موثوقة للصحيفة.
وخلال التجربة العملية التي جرت بحضور والي الولاية وقيادات المحافظة على الغابات والحماية المدنية، حلقت الدرون فوق غابات الزان والصنوبر واللانتيسك، فيما تابع خمسون عون حماية مدنية مسنودين بـ16 عربة تدخل خاصة هذا العرض التقني الذي وصفوه بالتاريخي.
وعند انتهاء المهمة، عادت “أوراس 700” لتهبط بدقة على نفس البساط، وكأنها تدرك القيمة العالية للمعدات الإلكترونية الدقيقة التي يحملها. وفي تصريح رسمي، ثمن والي البويرة هذا الإنجاز، مؤكدًا أن دمج وسائل المكافحة التقليدية بالتكنولوجيا الحديثة يمثل نقلة نوعية نحو حماية البيئة والثروة الغابية. وقال إن سرعة التدخل تبقى أهم عامل في السيطرة على النيران قبل اتساع رقعتها.
ولم يخف المسؤولون أن التجربة استحضرت ذاكرة سنة 2023 السوداء، عندما التهمت الحرائق أكثر من 8000 هكتار من الغابات والمزارع وخلفت خسائر بشرية ومادية فادحة. لذا شدد الوالي على ضرورة توخي أعلى درجات اليقظة والجاهزية الدائمة.
ويؤكد هذا النجاح مرة أخرى عزم الجزائر على الاستمرار في تطوير حلول مبتكرة بأيد جزائرية لحماية مواردها الطبيعية وتعزيز قدرات الاستجابة للأزمات المناخية والكوارث.
@ آلاء عمري