آخر الأخبار

الافتتاحية.. قراءة في الحملة المغربية وحلفائها ضد الجزائر

شارك
بواسطة محمد قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد قادري

الافتتاحية

الجزائر الآن _ في زمن تتزايد فيه المخاطر الجيوسياسية وتتعقّد فيه خرائط التحالفات، تلجأ بعض الأنظمة إلى ما هو أخطر من السلاح: التضليل الإعلامي كسلاح استراتيجي. والمخزن المغربي، ومن خلفه بعض الأجهزة المتشابكة المصالح، اختار منذ سنوات هذا المسار، لكن ما شهدناه مؤخرًا يرقى إلى ما يعتقد أنه حرب النفسية منظمة يستهدف بها الجزائر.

آخر فصول هذه الحرب، ظهر عبر منصة “هسبريس”، التي نشرت خبراً مفبركاً عن مقتل أربعة ضباط جزائريين في غارة إسرائيلية على مواقع داخل إيران.

رواية لا تستند إلى أي مصدر موثوق، ولم تُؤكَّد من أي جهة رسمية، ومع ذلك جرى تداولها بسرعة لافتة في مدونات ومنصات محسوبة على “التحليل الاستراتيجي”، في محاولة لبناء سردية توحي بتورّط الجزائر في محور إقليمي معيّن.

موقع Arabi Facts Hub المختص يكذب .. ويرجع الخبر لحملة الكترونية منسقة

لكن الحقيقة أكثر وضوحًا من هذا التضليل: فقد فنّد موقع Arabi Facts Hu المستقل هذه المزاعم بشكل شامل، مبرزًا أن مصدرها حملة إلكترونية منسقة، قادتها حسابات مغربية وفرنسية مرتبطة بأجهزة دعائية معروفة، في محاولة لضرب صورة الجيش الجزائري وخلخلة موقعه في المعادلة الإقليمية.

هنا لا نتحدث عن “حرية تعبير” أو “اختلاف روايات”، بل عن استخدام الإعلام كسلاح تكتيكي في نزاع إقليمي يتجاوز الجزائر، ويهدد أمن المنطقة برمّتها. لأن نشر أخبار كاذبة في خضم تصعيد خطير بين الكيان الصهيوني وإيران، وإقحام الجزائر فيها دون دليل، لا يمكن قراءته إلا كجزء من حملة لإعادة تشكيل الوعي الجماعي عبر التزييف المتعمد للحقائق.

منذ توقيع اتفاقيات التطبيع العسكري والاستخباراتي، دخل الإعلام المغربي مرحلة جديدة من “التحريض الممنهج”، مُستندًا إلى دعم سياسي وإقليمي يراه تفويضًا ضمنيًا لتصفية الحسابات مع كل من يرفض التطبيع، وفي مقدمتهم الجزائر.

هذه الأخيرة، برغم كل الضغوط، اختارت موقعًا مبدئيًا ينسجم مع تاريخها ومواقفها.

إن ما يجري ليس نزاعًا إعلاميًا، بل تهديد مباشر لمبدأ أساسي: أمن المعلومات في منطقة متوترة أصلًا. والمفارقة أن من يمارس هذا التحريض يدّعي الشراكة مع الغرب في “مكافحة التطرف”، بينما يوظّف أدوات إعلامية مأجورة لبث الكراهية وتأجيج النزاعات.

العالم اليوم، في لحظة تحولات كبرى، مطالب بأن يضع حدًا لهذا الانزلاق. فكما هناك مسؤولية أخلاقية في التصدي للتطرف السياسي، هناك أيضًا مسؤولية واضحة في كشف من يُطوّع الإعلام لخدمة الفوضى.

الجزائر، الدولة التي حافظت على استقلال قرارها رغم كل محاولات الإغراء والابتزاز، لا تحتاج إلى تبرير مواقفها. هي تقف حيث يجب أن يقف الأحرار: مع السيادة، مع الحقيقة، ومع كرامة الشعوب.

شارك

الأكثر تداولا إيران أمريكا دونالد ترامب

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا