آخر الأخبار

قراءة نقدية لمقال توماس فريدمان حول إيران وإسرائيل

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

الجزائر الآن _ في مقاله الأخير بصحيفة نيويورك تايمز، قدّم الكاتب الأمريكي توماس فريدمان قراءة تحليلية للصراع المتصاعد في الشرق الأوسط، مستندًا إلى مفهوم “العقيدة الاستراتيجية” لكل من إيران وإسرائيل.

الملاحظة الأساسية على المقال أنه لم يخل من ميل واضح لتبني سردية تنسجم إلى حد كبير مع الرؤية الإسرائيلية الرسمية، على حساب تعقيدات الواقع الميداني والتاريخي للمنطقة.

قراءة جزئية للعقائد الاستراتيجية

يرى فريدمان أن العقيدتين الاستراتيجيتين لإيران وإسرائيل “معيبتان للغاية”، لكنه يركّز نقده بشكل أساسي على ما يسميه “سلوك إيران العدواني” وحلفائها الإقليميين، في مقابل تقليل واضح من أثر السياسات الإسرائيلية المستمرة منذ عقود، والتي شملت الاحتلال والتوسع العسكري والدعم غير المشروط من قوى دولية كبرى. هذه المقاربة تثير تساؤلات حول مدى الموضوعية في توصيف أطراف الصراع.

بين الدفاع والمواجهة

يتعامل فريدمان مع حركات مثل حزب الله وحماس بوصفها قوى خارجة عن المنطق السياسي، متجاهلًا السياق الجيوسياسي الذي نشأت فيه هذه القوى، ودورها في مقاومة الاحتلال والحصار.

تجاهل هذا البعد الدفاعي في خطاب المقاومة يفضي إلى اختزال الظواهر السياسية المعقدة في إطار تبسيطي لا يخدم الفهم العميق لأسباب التصعيد.

انتقائية في رواية الأحداث

يربط فريدمان بعض الأحداث المفصلية، كاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بجهات إقليمية دون التطرق لتضارب الروايات الدولية حول تلك الحوادث. ويبدو أن الكاتب اعتمد على مصادر وروايات ذات طابع سياسي منحاز، دون تقديم قراءة متعددة الأبعاد أو الإشارة إلى تحقيقات مستقلة وموثوقة.

استعارات غير دقيقة

يلجأ فريدمان إلى استعارات تاريخية لتأطير مواقفه، من بينها تشبيه رفض الاعتراف بشرعية “الدولة اليهودية” بإنكار نهاية الاستعمار في إفريقيا. هذه المقاربة قد تُفهم على أنها محاولة لإسقاط مفاهيم الاستعمار على واقع يختلف في حيثياته التاريخية والحقوقية، خاصة حين تُقارن حركات التحرر الوطنية بحركات سياسية معاصرة ذات بعد ديني أو طائفي.

ازدواجية الموقف من حل الدولتين

في الوقت الذي يشير فيه فريدمان إلى دعمه لحل الدولتين، يشترط توفر “قيادة فلسطينية غير فاسدة ومقبولة من واشنطن”، ما يطرح إشكالية حول مدى احترام هذا الطرح لمبدأ تقرير المصير، الذي يقوم على اختيار الشعوب لممثليها دون وصاية خارجية.

تأطير الخطاب

يمكن القول إن مقال فريدمان يعكس رؤية تعبوية تستند إلى ثنائية “الشرّ والاعتدال”، وتدعو إلى استخدام القوة العسكرية في سياق إقليمي معقد. هذه الرؤية، رغم صياغتها بلغة تحليلية، تبدو في الكثير من جوانبها أقرب إلى الترويج لخيار الحرب على إيران ومحور المقارونة بدلًا من دعم مسارات التهدئة والدبلوماسية.

وبنظر المراقبين ،يبقى الصراع في الشرق الأوسط واحدًا من أكثر القضايا تشابكًا، ويستلزم مقاربات متعددة المنظورات، تعترف بجذور النزاع وهي القضية الفلسطينية، وتتجنب تبرير استخدام القوة خارج القانون الدولي. وهنا، فإن القراءة النقدية لخطابات إعلامية كخطاب فريدمان، ضرورية لفهم التوازنات والاختلالات في السردية الغربية حول المنطقة.

المصدر: نيويورك تايمز – مقال توماس فريدمان

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا