آخر الأخبار

الجزائر في قلب معركة العصر : الذكاء الاصطناعي سلاح وجود و سيادته خط أحمر

شارك
بواسطة رفيق شلغوم
مصدر الصورة
الكاتب: رفيق شلغوم

_ مقال رأي

الجزائر الآن _ تحدّثتُ في مقالات سابقة عن كوكب الأرض ما بعد عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وها نحن اليوم نشاهد العالم يعيش مخاضًا عسيرًا، سيتولد عنه شكلٌ جديدٌ للنظام الدولي… عالم لا مكان فيه للضعيف.

ما يحدث في أشهر لم يكن يحدث في عقود، والكل اليوم يحمل هاتفه أو يواجه شاشته، يتابع ما يدور بين إيران والكيان الصهيوني، والحدث واحد، لكن الرواية تختلف باختلاف الشاشة… ومن يمولها.

بعد الهجوم الجبان الذي شنّته إسرائيل على إيران، ساد الاعتقاد أن طهران ستكتفي بالتصريحات النارية، والشجب، والوعيد، قبل أن تخفت الزوبعة… إذ أنها – كما يردد البعض – ليست سوى شريك سرّي للغرب، وكل ما نراه مسرحية.

لكن الواقع فاجأ الجميع.

إيران المجروحة ردّت، وتتصاعد فعالية ردّها، وهي تدرك أنها لا تواجه إسرائيل فحسب، بل الغرب بأكمله خلف هذا الكيان. عسكريًا، أداء طهران لم يكن سيئًا، بل حمل رسائل حقيقية.

لنعد قليلًا للوراء، لنفهم ما لم نكن نفهمه. إسرائيل استهدفت قادة ميدانيين من النخبة في إيران، وفي حزب الله اللبناني ، وحتى من حماس. أنجزت اغتيالات دقيقة، بأقل خسائر، وفي العمق

وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه :

كيف وصلت إلى هؤلاء؟ كيف اخترقت الدوائر المغلقة؟

الجواب: العمل الاستخباراتي.

لقد بات جليًا أن إيران وحلفاءها، بما فيهم حزب الله، مخترَقون. الكيان الصهيوني أظهر تفوقًا استخباراتيًا بفضل إمكانياته المادية والتكنولوجية المتطورة، ودون أي اعتبار للقانون الدولي… لأنه ببساطة لا يعترف به، في عالم تهيمن عليه الصهيونية العالمية، من خلال أدواتها: الإعلام، المال، الاختراق، والتكنولوجيا.

الصهاينة لا يترددون في استخدام كل الوسائل: شراء الذمم، التجسس، الاغتيال، حتى الجنس والجنّ وقوى ما وراء الطبيعة! كل ذلك في سبيل حلمهم: “إسرائيل الكبرى”.

لكن، لنكن واضحين. الكيان ليس أخطبوطًا لا يُقهر.

غزة، غزة الصغيرة المحاصَرة، أثبتت أن الصمود ممكن، وأن جبروت الآلة العسكرية يمكن أن يُركَع، وأن المعادلة يمكن أن تنقلب. غزة التي أرعبت الكيان، ووقفت شامخة في وجه الدمار، والقتل، والجوع. غزة التي أجبرت العدو على التوسل لتبادل الأسرى.

إذن لا شيء مطلق، فالنسبية هي الثابت الوحيد.

الأسئلة التي يجب أن نطرحها الآن:

أين نحن من كل ما يحدث؟

هل أعددنا العدّة؟

هل تموقعنا في الخندق الصحيح، مع الحلفاء الموثوقين؟

هل تسلحنا بالعلم قبل السلاح؟

هل اخترنا شراكاتنا بناءً على مصالحنا الاستراتيجية؟

هل جيشنا مستعد ؟

هل أجهزتنا الاستخباراتية قوية وفعالة ، وهل وهل … ؟

علينا اليوم أن نجيب على هذه الأسئلة بكل جرأة ، لأن ما يحدث في العالم يتطلب وضوحًا غير مسبوق.

نعيش زمنًا أصبح فيه الهاتف النقال يفجر عن بُعد، بضغطة زر، كما حدث في لبنان.

القذائف اليوم تُوجَّه بتقنيات تتفحّص الوجوه وتخترق الجدران وتلتف على الزوايا، لتصيب الهدف بدقة… حتى وإن كان في غرفة نومه بحي شعبي بسيط .

نعم، هذا زمن العلم، وزمن التكنولوجيا.

علينا أن نطلب العلم قبل الخبز، ونطوّر التكنولوجيا قبل أن نكدّس الصواريخ، ونتحالف مع الأمم قبل أن نخلق الأعداء.

ومن هنا، لا بد من الالتفاف حول جيشنا وقيادتنا، واعتبار المواطن هو اللبنة الأولى في معادلة الأمن. الإنسان هو صمّام الأمان، إذا تسلّح بالوعي والعلم.

عدونا الأول هو الجهل.

قد لا يستطيع الإنسان أن يكون “طائرة مسيّرة”، لكنه قادر على صناعتها، وقادر على تشغيلها. نعم، أتحدث عن الذكاء الاصطناعي.

الرئيس عبد المجيد تبون كان سبّاقًا في هذا المجال، حين أسّس المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي. خطوة استراتيجية تُحسب له، تهدف إلى خلق نخبة علمية جزائرية تقود مشروع النهضة في المستقبل.

لكن، لا بد أن نطرح السؤال الصعب:

هل هذه النخبة العلمية محصّنة؟

حديثي مع مختصين في مجالات أمنية وتقنية، دفعني للاعتقاد أن طلبة الذكاء الاصطناعي، سيكونون الهدف القادم لأجهزة استخبارات أجنبية. وسيُغْرَون بالسفر، وسيُستدرجون للعمل في مراكز أبحاث أجنبية، ليُستخدموا، يومًا ما، ضد الجزائر.

العدو لا يستهدف فقط الضعفاء، بل يستهدف الأقوياء أيضًا… خاصة إن كانوا من صانعي المستقبل.

فرنسا، على سبيل المثال، جنّدت صحفيين، ونشطاء، وأشباه أميّين، فكيف لا تستهدف نوابغ الذكاء الاصطناعي؟

الأمن الوطني فوق كل اعتبار. علينا من الآن أن نمنع تكرار سيناريو هجرة طلبة الطب، مع نخبة الذكاء الاصطناعي.

علينا أن نضع استراتيجيات تضمن خدمتهم في الجزائر بعد التخرج، بعقود واضحة، ومناصب لائقة، وحوافز مادية واجتماعية تشجّعهم على البقاء.

نعم، لسنا ضد الطموح، ولكن نحن ضد تفريغ الوطن من عقوله.

وأنا، وإن لم أمتلك معلومات دقيقة، لكنني واثق بأن القرار الاستباقي للرئيس تبون سيُتبع بقرارات أعمق، منها إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية بكل أطوارها، وتعميمه في جميع ربوع الوطن.

الذكاء الاصطناعي ليس ترفًا، بل سلاح العصر.

ومن يمتلكه… يمتلك المستقبل.

الكاتب : رفيق شلغوم ، مؤسس ،ومدير صحيفة “الجزائر الآن” الالكترونية، وكاتب مقال “رأي” بعدد من الصحف العربية

شارك

الأكثر تداولا اسرائيل إيران أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا