آخر الأخبار

من الفقه إلى التضليل: إعلام المخزن يُسوّق "البيعة" بدلًا من القانون الدولي

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

الجزائرالٱن _ أثارت الكلمة التي ألقاها ممثل الجزائر أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة مؤخرًا، والتي جدّدت التأكيد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، هلعًا في الإعلام المغربي الرسمي، الذي سارع إلى إطلاق حملة مضادة عبر منصاته، مروجًا لروايات متهافتة عبر محللين يفتقرون للحد الأدنى من الجدية والاختصاص، على غرار أحمد نورالدين، الذي يُقدَّم على أنه “خبير في العلاقات الدولية وشؤون الصحراء”.

وفي محاولة لتكذيب الموقف الجزائري، وصف نورالدين تصريحات الدبلوماسي الجزائري بـ”التدليس والتضليل”، مستندًا إلى رواية “البيعة” التاريخية بين سكان الصحراء وملوك المغرب، مدّعيًا أن ذلك يثبت السيادة المغربية على الإقليم، وأن الجزائر هي من عطّلت الاستفتاء وليس المغرب.

لكن هل تحمل هذه الادعاءات أي سند قانوني أو شرعي أو حتى منطقي؟ الجواب: لا. وإليك لماذا.

أولًا: محكمة العدل الدولية لم تعترف بسيادة المغرب

في 16 أكتوبر 1975، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا صريحًا، أكدت فيه أن لا وجود لأي روابط سيادة بين المغرب والصحراء الغربية، رغم إقرارها بوجود روابط تقليدية كـ”البيعة”، لكنها أوضحت أنها لا ترقى إلى السيادة القانونية، مشددة على أن سكان الصحراء يمتلكون الحق في تقرير مصيرهم بأنفسهم، وهو ما ينسف جوهر الأطروحة المغربية.

ثانيًا: البيعة لا تُورّث ولا تُغني عن حق تقرير المصير

حتى لو افترضنا، جدلًا، أن هناك بيعة سياسية أو دينية في زمن السلطان، فإننا نسأل: هل بايعت قبائل الصحراء محمد السادس؟ أو والده الحسن الثاني؟ أو حتى جده محمد الخامس؟

البيعة في الفقه الإسلامي عقد رضا وولاء بين الحاكم والرعية، لكنّها لا تُورَّث، ولا يمكن أن تتحوّل إلى وثيقة ملكية أبدية لأرضٍ وشعب. بل إن البيعة تسقط متى انتفى الرضا أو غاب الرمز الذي بويع أصلاً، وبالتالي لا تُعدّ بأي معيار قانونًا يُستند عليه لإضفاء شرعية على الاحتلال.

ثالثًا: من عرقل الاستفتاء؟

يردّد نورالدين أن الجزائر هي من عطّلت تنظيم الاستفتاء، متجاهلًا تمامًا أن المغرب هو من رفض نتائج لجنة تحديد الهوية بعد أن كشفت ميلًا واضحًا لخيار الاستقلال. كما أن الأمم المتحدة، في أكثر من تقرير، أكدت أن الرباط هي من أوقف مسار الاستفتاء بعد أن أصبح يهدد “السيادة المزعومة”، وحاولت فرض “الحكم الذاتي” كحل بديل.

وللتذكير، فإن الأمم المتحدة ما زالت تعتبر الصحراء الغربية إقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي، وتُدرجه ضمن قائمة ملفات تصفية الاستعمار، ما يفنّد كلّ ما جاء على لسان أحمد نورالدين من مغالطات.

رابعًا: السيادة لا تُفرض عبر العقود ولا تُشرّع بالاحتلال

يستشهد نورالدين بـ”عقود عدلية” وتعيينات صوفية وقبلية كدليل على السيادة، لكن هذه وثائق تعود إلى عصور ما قبل الدولة الحديثة، ولا تمثّل حُجّة قانونية في القانون الدولي المعاصر. السيادة لا تُكتسب عبر تلاوة أسماء قضاة أو مشايخ، بل عبر موافقة الأمم المتحدة ورضى سكان الإقليم أنفسهم.

وحسب متابعين فإنّ من تقدّمه أبواب المخزن كبير في العلاقات الدولية وشؤون الصحراء، لا يرد على ممثل الجزائر، بل يرد على المجتمع الدولي بكامله. الكلمة الجزائرية لم تأتِ من فراغ، بل انبثقت من قرارات الشرعية الدولية والرأي القانوني لمحكمة العدل الدولية والتزامات الأمم المتحدة تجاه قضية تصفية الاستعمار.

أما محاولات التشويش من قبل “محللين” مثل نورالدين، فهي ليست سوى غبار دعائي سرعان ما يتبدّد أمام قوة القانون والمنطق والشرعية.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا