الجزائرالٱن _ في صفعة جديدة للنفاق السياسي الذي تمارسه فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون، كشفت شبكة «التقدمية العالمية» (Progressive International) في تقرير مفصل، عن قيام باريس بتزويد الكيان الصهيوني بعتاد عسكري بصفة «منتظمة ومتواصلة» منذ أكتوبر 2023، رغم ما تروّج له من مواقف إنسانية وحيادية إزاء العدوان المتواصل على غزة.
التقرير يستند إلى بيانات مصدرها مصلحة الضرائب الصهيونية نفسها
التقرير، الذي عُرض في باريس بدعم من نواب من حزب «فرنسا الأبية» وتسع جمعيات مدنية، يستند إلى بيانات مصدرها مصلحة الضرائب الصهيونية نفسها، ويفنّد مزاعم الحكومة الفرنسية التي تنكر أي تورط في تسليح الكيان. وأكد الأمين العام للشبكة، دافيد أدلر، أن ملايين قطع المدفعية تم شحنها من فرنسا إلى الكيان الصهيوني بشكل أسبوعي، ما بين أكتوبر 2023 وأفريل 2025، مشددًا على ضرورة كشف حجم هذا التعاون العسكري والتجاري المخزي.
مكونات تدخل في تصنيع القنابل والطوربيدات والصواريخ والألغام
وتشمل الشحنات الفرنسية، حسب التقرير، مكونات تدخل في تصنيع القنابل والطوربيدات والصواريخ والألغام، إضافة إلى قاذفات صواريخ وبنادق عسكرية. ورغم أن معدّي التقرير لم يتمكنوا من التحقق المباشر من استخدام هذه المعدات في العدوان على غزة، إلا أن التوقيت وتواتر الشحنات لا يتركان مجالًا للشك في علاقة فرنسا بما يجري على الأرض من جرائم حرب.
وزير الجيوش الفرنسي يحاول تبرير هذه الوقائع
ويحاول وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، تبرير هذه الوقائع بالحديث عن «مكونات مخصصة للدفاع» مثل القبة الحديدية، وعن عناصر «معاد تصديرها»، وهي تبريرات لا تصمد أمام حجم الأرقام والمحتوى العسكري المتداول، ولا تُلغي مسؤولية باريس الأخلاقية والجنائية أمام التاريخ.
فرنسا تلقّت ما يقارب 20 مليون أورو من طلبات التوريد العسكري
وفي الوقت الذي تواصل فيه باريس تسويق خطابها عن «حقوق الإنسان» و«حل الدولتين»، تُظهر البيانات أن فرنسا تلقّت ما يقارب 20 مليون أورو من طلبات التوريد العسكري من الكيان الصهيوني سنة 2023، مقابل 25 مليون أورو في 2022، وقرابة 19 مليون أورو في 2021، ما يعكس استمرارًا منهجيًا في الشراكة العسكرية، وليس مجرد استثناءات كما تزعم الجهات الرسمية.
ولم يتوقف الأمر عند المعدات القتالية، بل يشير تقرير ثانٍ إلى طفرة في صادرات السلع ذات الاستخدام المزدوج إلى الكيان، بقيمة بلغت 192 مليون أورو في 2023، مقارنة بـ34 مليون أورو فقط سنة 2022، ومعظمها في شكل تجهيزات إلكترونية يمكن استخدامها في أنظمة عسكرية، بما في ذلك الطائرات دون طيار وتقنيات الرصد والتجسس.
ماكرون لم يقطع علاقاته مع الكيان
ماكرون، الذي لا يتوانى عن تقديم نفسه كوسيط سلام، لم يقطع علاقاته مع الكيان، ولم يفرض أي عقوبات على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين. بل تواصل باريس شراكتها العسكرية مع كيان يمارس التطهير العرقي في غزة، في تناقض صارخ مع القانون الدولي والتزامات فرنسا الأخلاقية.
إن هذا التقرير يعرّي التناقض الفاضح بين أقوال باريس وأفعالها، ويضعها في خانة الدول المتواطئة في تغذية آلة القتل ضد الشعب الفلسطيني، تحت غطاء “التعاون الدفاعي” و”المصالح الاقتصادية”
ما كشفه التقرير يفرض تحركًا جادًا من القوى الحيّة في فرنسا وفي أوروبا عمومًا، لمحاسبة الحكومة الفرنسية على هذا التواطؤ، وفرض رقابة برلمانية حقيقية على صادرات الأسلحة. كما يدعو إلى مراجعة شاملة لسياسة “ازدواج المعايير” التي تُنتهج باسم المصالح بينما تسفك الدماء وتُدمر المدن في غزة.
ويؤكد متابعون أنّ صمت ماكرون لم يعد خيارًا، وتواطؤ باريس مع الكيان الصهيوني أصبح موثقًا ومخزيًا، وعلى فرنسا أن تختار: إما قيم الجمهورية كما تدّعي، أو شراكة الدم والبارود مع الاحتلال.