الجزائرالٱن _ في سياق التحولات الجارية على مستوى التجارة الإقليمية، تواصل الجزائر تحركاتها الاستراتيجية لتوسيع نطاق صادراتها نحو الفضاء المغاربي، واضعة السوق الليبية في صلب اهتماماتها باعتبارها منفذًا واعدًا وفرصة حقيقية لتأسيس شراكات اقتصادية طويلة الأمد.
وأكد وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات، كمال رزيق، خلال لقاء تنسيقي ضم عددًا من المتعاملين الاقتصاديين الناشطين في السوق الليبية، أن هذه السوق تُعد امتدادًا طبيعيًا للمنتج الجزائري، لارتباطها الجغرافي والاجتماعي والثقافي بالجنوب الشرقي للجزائر، ما يجعلها نقطة ارتكاز أساسية في سياسة تنويع الصادرات خارج قطاع المحروقات.
وشدد رزيق على أن الوزارة بصدد مراجعة الإطار التنظيمي للتصدير، وتكثيف التنسيق مع الفاعلين في القطاعين المالي والمصرفي، بهدف إزالة العراقيل التي لا تزال تُعيق انسياب السلع الجزائرية نحو الأراضي الليبية. كما أعلن عن العمل على تطوير حلول لوجستية فعالة، خصوصًا عبر المنافذ البرية، وفي مقدمتها معبر الدبداب – غات، الذي يشكل شريانًا حيويًا للحركة التجارية الثنائية.
وتواجه الصادرات الجزائرية إلى ليبيا تحديات ميدانية ملموسة، تتعلق بالبنية التحتية، والتأمين، وآليات الدفع العابرة للحدود، وهو ما دفع الوزارة إلى إطلاق سلسلة لقاءات تشاورية مع المصدرين في محاولة لضبط خريطة طريق واقعية تستجيب لطبيعة السوق الليبية، التي لا تزال تعاني من هشاشة في المؤسسات وتفاوت في القدرة الشرائية بين شرق البلاد وغربها.
التحرك الجزائري لا ينحصر في البعد الثنائي، بل يندرج ضمن رؤية أوسع لبناء فضاء اقتصادي مغاربي مشترك. ففي جويلية الماضي، وقّعت الجزائر وتونس وليبيا مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدان الثلاثة، وذلك بحضور أكبر منظمات أرباب العمل من هذه الدول، خلال اجتماع احتضنه مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري.
الوثيقة هدفت إلى إرساء ديناميكية اقتصادية إقليمية تقوم على تبادل الخبرات، وخلق مشاريع استثمارية مشتركة، وتسهيل حركة السلع ورؤوس الأموال داخل الفضاء المغاربي، بما يُعيد بعث حلم التكامل المغاربي على أسس واقعية تستند إلى المصالح الاقتصادية المباشرة.
ويُعوَّل على هذه المبادرات لخلق كتلة اقتصادية إقليمية قادرة على مواجهة التحديات التي تفرضها التحولات الجيوسياسية والاقتصادية، لا سيما في ظل إعادة تشكل سلاسل التوريد العالمية، واحتدام المنافسة على الأسواق الإفريقية.
وتحرص الجزائر على ألا تظل ليبيا مجرد منفذ لتصريف المنتجات، بل تسعى لتحويل العلاقة الاقتصادية إلى شراكة مستدامة تشمل الصناعة والخدمات والنقل والطاقة، خاصة مع وجود فرص هائلة لإعادة إعمار البنية التحتية الليبية، وهي فرصة تفتح المجال أمام الشركات الجزائرية، العمومية والخاصة، لإثبات قدراتها وتوسيع نشاطها خارج الحدود.