في خطوة علمية قد تعيد رسم ملامح الطب الحديث، أعلن فريق من الباحثين الكوريين الجنوبيين عن نجاح تجربة ثورية تقوم على إعادة برمجة الخلايا السرطانية وتحويلها إلى خلايا سليمة بدلًا من القضاء عليها كما هو متبع في العلاجات التقليدية.
ويمثل العلاج الجديد، الذي طوره فريق يقوده البروفيسور كوانغ-هيون تشو من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (KAIST) في مدينة ديجون، حسب ما نلقاه موقع yahoo ، تحولًا جذريًا في نهج محاربة السرطان. فبدلًا من اعتماد أساليب العلاج العدوانية مثل الجراحة أو العلاج الكيميائي والإشعاعي، والتي تنهك المريض وتحدث آثارًا جانبية جسيمة، تعتمد هذه التقنية على إعادة توجيه الخلايا السرطانية نحو سلوك طبيعي وصحي.
ويعتمد الباحثون في هذه الطريقة على تقنية تسمى “الجموع الرقمية” أو التوأم الرقمي، وهي نموذج حاسوبي متطور يحاكي عمل الشبكات الجينية داخل كل خلية. هذا النموذج مكن الفريق من تحديد ثلاثة منظمات جينية رئيسية هي MYB وHDAC2 وFOXA2، تبين أن تعطيلها بشكل متزامن يجبر الخلايا السرطانية على استعادة حالتها الطبيعية.
ولتدقيق هذه النظرية، استعان العلماء بنظام حسابي متطور يدعى “بينين” (الاستدلال والتحكم في الشبكات البوليانية)، حيث قاموا بتحليل بيانات الحمض النووي الريبي (ARN) المستخلصة من خلايا قولونية سليمة ومصابة، واستطاعوا بناء شبكة من 522 جينًا تتحكم بمصير الخلية. هذا التحليل ساعدهم في تحديد “المفاتيح الجزيئية” التي تحدد ما إذا كانت الخلية ستصبح سرطانية أو تبقى طبيعية.
وقد تم اختبار هذه التقنية على 4252 خلية معوية، وأظهرت النتائج المخبرية أن تعطيل المنظمات الجينية الثلاثة المذكورة يعيد برمجة الخلية ويوقف سلوكها السرطاني، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام علاج السرطان دون الحاجة لتدمير الخلايا.
ورغم أن التجارب ما تزال في مراحلها الأولى ولم تجر بعد على البشر، فإن هذا الاكتشاف يعِد بثورة حقيقية في مسار علاج السرطان. وإذا أثبت فعاليته وسلامته سريريًا، فقد يشكل نقلة نوعية في الطب الحديث نحو علاجات أكثر إنسانية وفعالية.