الجزائرالٱن _ في ظل استمرار العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة، وانهيار الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق، دخلت الجزائر في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة داخل مجلس الأمن الدولي، في مسعى دبلوماسي تقوده نيابة عن مجموعة الدول العشر غير دائمة العضوية، لدفع مشروع قرار جديد ينصّ على وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار.
ووفق مصادر دبلوماسية لصحيفة” الشرق” العربية، تولّت الجزائر مهمة التفاوض مع الوفد الأمريكي، في محاولة لتجنب استخدام واشنطن لحق النقض (الفيتو) الذي سبق وأن عطّل عدة مشاريع قرارات سابقة تدعو إلى التهدئة في القطاع المحاصر.
وينص مشروع القرار، الذي سيُعرض للتصويت في جلسة مرتقبة اليوم الأربعاء، على وقف دائم وشامل للعمليات العسكرية، والإفراج عن جميع الرهائن الصهاينة المحتجزين لدى “حماس” والفصائل الفلسطينية الأخرى، إضافة إلى رفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية، بما يضمن توزيعها بشكل آمن وسلس في جميع أنحاء قطاع غزة.
_ نص المشروع يراهن على دعم أممي شامل
جاءت الصياغة النهائية لمشروع القرار نتيجة مشاورات مكثفة بين الدول غير دائمة العضوية، بدعم دبلوماسي من الجزائر التي حرصت على تضمين بنود ترتكز على الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن السابقة، خاصة القرار 2735 (2024)، الذي وضع خريطة طريق لوقف دائم للأعمال العدائية، تشمل تبادل الأسرى، وعودة الرفات، وانسحاب الجيش الصهيونيي، وبدء عملية إعادة إعمار واسعة.
ويؤكد المشروع، في فقراته التمهيدية، على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، مع الإشادة بالجهود التي تبذلها كل من مصر وقطر والولايات المتحدة لإنجاز اتفاق شامل، لكنه في المقابل يدعو إلى موقف أكثر حزمًا تجاه استمرار القصف الصهيوني ومنع دخول المساعدات.
_ الجزائر تفاوض… وأمريكا في موقع الحرج
الدور الجزائري بدا محوريًا في هذه الجولة من التفاوض، حيث تسعى الجزائر لاستثمار زخم الدعم الدولي المطالب بإنهاء الحرب، خاصة بعد تزايد الأصوات داخل الكونغرس الأميركي نفسها الرافضة للتفويض المطلق للكيان الصهيوني.
مصادر دبلوماسية لصحيفة الشرق، أكدت أن الجزائر لم تكتفِ بصياغة توافقيّة، بل ضغطت دبلوماسيًا على الولايات المتحدة لتليين موقفها ووقف تعنتها إزاء حماية الكيان الصهيوني من المحاسبة، مستغلة تدهور الوضع الإنساني وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، بينهم أطفال ونساء، إلى مستويات صادمة.
ميدانياً: مجازر صهيونية ومجاعة تلوح بالأفق
تزامن هذا الحراك الأممي مع تصعيد صهيوني دموي جديد في قطاع غزة، حيث استهدف جيش الاحتلال، ولليوم الثالث تواليًا، مدنيين فلسطينيين في محيط نقاط توزيع المساعدات، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن استهداف المدنيين خلال بحثهم عن الغذاء، وعرقلة وصول الإغاثة، “قد يرقى إلى جريمة حرب”، مطالبة بتحقيق فوري ومستقل في الانتهاكات الجارية. كما حذرت من خطر المجاعة التي أصبحت تهدد أرواح مئات الآلاف، خاصة في جنوب غزة.
من جهتها، أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية أن الجيش الصهيوني قتل، الثلاثاء، 27 مدنيًا على الأقل في محيط نقطة مساعدات إنسانية، فيما حذّر جيش الاحتلال سكان القطاع من التوجه إلى مراكز التوزيع، واصفًا إياها بـ”مناطق قتال”، ما يعكس نية مبيتة لتصعيد أكبر.
_ هل تنجح الجزائر في كسر الفيتو الأمريكي؟
التصويت المرتقب على مشروع القرار يشكل اختبارًا جديدًا لقدرة الجزائر على كسب تأييد تسعة أعضاء على الأقل داخل مجلس الأمن، وفي الوقت نفسه، الضغط على الولايات المتحدة لعدم استخدام الفيتو.
وفي حال لم تعارض واشنطن القرار، سيكون ذلك بمثابة اختراق دبلوماسي عربي نادر في الملف الفلسطيني داخل أروقة الأمم المتحدة، أما إذا استخدمت الفيتو مجددًا، فإنها ستواجه موجة إدانة دولية متصاعدة، خصوصًا مع تنامي الأصوات المناهضة لدعمها غير المشروط للكيان الصهيوني.