الجزائرالٱن _ مراوغة المغرب المكشوفة تُفضح في صمت نواكشوط
لم يكن مفاجئًا أن تكون الجزائر من أوائل الدول التي أعلنت دعمها لمرشح موريتانيا الدكتور سيدي ولد التاه في انتخابات رئاسة مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، حسب ما كشفته وكالة “الأخبار المستقلة” الموريتانية، حيث أظهرت الجولة الأولى من التصويت على المرشحين موقفًا واضحًا يدعم ولد التاه على حساب المرشحين الآخرين. هذا التصويت الجزائري المبكر أعطى دفعًا قويًا لموريتانيا، وأكد على تحالف استراتيجي متين بين الجزائر ونواكشوط في المحافل الإفريقية.
في المقابل، وحسب الوكالة الموريتانية، فبعد أن فضّل ممثل المغرب التصويت على ممثل السنغال، حاول في الجولة الثانية من التصويت استدراك الموقف بطريقة مكشوفة بعدما تأكد أن فوز المرشح الموريتاني لا نقاش فيه، حيث قام بالتصويت لصالح ممثل موريتانيا في اللحظات الأخيرة، في محاولة بائسة لإظهار نفسه كداعم منذ البداية. هذه المحاولات المغربية المكشوفة تكررت كثيرًا في السياسة الخارجية للرباط، التي تعتمد على الاصطفاف مع الأقوى، وترويج أنها كانت جزءًا من دعم المرشحين الفائزين، بينما الواقع يفضح ترددها ومراوغتها في المواقف.
وبعد إعلان فوز الدكتور سيدي ولد التاه، قام رئيس الجمهورية الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بإجراء سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع قادة عدة دول شكرهم فيها على دعمهم لموريتانيا.
وأورد بيان رسمي صادر عن الرئاسة الموريتانية أسماء الدول التي دعمت مرشح بلادها في انتخابات البنك الإفريقي للتنمية، حيث اتصل الرئيس الغزواني بقادتها لشكرهم، وهم رؤساء الجزائر، نيجيريا، كوت ديفوار، تونس، ليبيا، النيجر، الطوغو، جيبوتي، غامبيا، غينيا الاستوائية، الكونغو برازفيل، الغابون، رواندا، بالإضافة إلى إسبانيا.
اللافت في البيان كان غياب اسم الملك محمد السادس عن قائمة القادة الذين اتصل بهم الرئيس الموريتاني، وهو ما يؤكد أن نواكشوط تدرك تمامًا لغة المراوغة المغربية، وتفهم أن الدعم المغربي جاء متأخرًا وبشكل استعراضي فقط، لا يعكس موقفًا أصيلاً أو شراكة متينة كما هو الحال مع الجزائر ودول أخرى.
الدعم الجزائري لممثل موريتانيا يعكس التطور اللافت للعلاقات الجزائرية الموريتانية على كل الأصعدة، حيث تعتبر من أكثر العلاقات الثنائية ثباتًا وقوة في شمال إفريقيا. فالبلدان يشتركان في تاريخ طويل من التعاون في مجالات الأمن، خاصة مكافحة الإرهاب وحفظ الاستقرار على الحدود المشتركة، كما أن التعاون الاقتصادي بدأ يأخذ زخماً متصاعدًا، مع مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والنقل والاتصالات. هذا التناغم السياسي والعسكري والاقتصادي يجعل من التحالف الجزائري الموريتاني أحد الأعمدة الأساسية لتعزيز السلم والتنمية في منطقة الساحل والصحراء.
كما تعكس مكالمة الرئيس ولد الغزواني للرئيس تبون إدراكا موريتانيا بأن دعم الجزائر لممثليها في المؤسسات الإفريقية يأتي من تحالف استراتيجي مبني على مصلحة مشتركة وليس على حساب قضايا الشعب أو مصالح الآخرين، وتؤكد أنّ موريتانيا تتبع سياسة واعية في علاقاتها الخارجية، تعتمد على شراكات حقيقية ومستقرة مع الدول الصديقة وعلى رأسها الجزائر، وتبتعد عن سياسة اللعب على الحبال التي تتبعها الرباط، حيث تسعى الأخيرة إلى إظهار نفسها في موقف الداعم أو الحليف مع أقوى الأطراف فقط، دون ثبات أو التزام حقيقي.