الجزائرالٱن _ يشهد قطاع الحبوب الفرنسي حالة من الاستياء الشديد داخل الأوساط الفلاحية والتجارية بسبب سياسة الحكومة التي أدت إلى فقدان السوق الجزائرية، أحد أهم الأسواق التقليدية والمستقرة للقمح الفرنسي. مصدرو الحبوب في فرنسا يعبرون عن استيائهم من تراجع فرصهم في الجزائر، بعد أن أغلقت هذه الأخيرة أبوابها أمام المنتجات الفرنسية، مما دفعهم للبحث بشكل عاجل عن أسواق بديلة لتعويض خسائرهم المتنامية .
القرار الجزائري يأتي بعد اعتماد شروط جديدة لاستيراد الحبوب، تفضّل الحبوب عالية الجودة ومنخفضة السعر القادمة من منطقة البحر الأسود، مثل روسيا وأوكرانيا، ما وضع القمح الفرنسي في موقف ضعف أمام منافسين أكثر قدرة على تلبية احتياجات السوق الجزائرية. هذا التحول أثار قلق التعاونيات الزراعية الفرنسية، التي ترى في الجزائر “العميل المخلص” الذي خسرته فجأة دون أي تعويض أو إنذار مسبق .
قبل هذه التطورات، كانت الجزائر تستورد نحو تسعة ملايين طن من الحبوب سنويًا من فرنسا، رغم أن جودة القمح الفرنسي كانت محل نقد، والأسعار مرتفعة مقارنة بالمنافسين. لكن الأزمة السياسية والدبلوماسية المتفاقمة بين البلدين، انعكست بشكل واضح على العلاقات الاقتصادية، وأدت إلى فقدان فرنسا لسوق حيوية ذات أهمية استراتيجية لقطاع الحبوب .
تقرير لموقع “لوبيان بوبليك” الفرنسي أكد أن فقدان الجزائر كمصدر رئيسي للقمح يمثل خسارة كبيرة للتعاونيات الفرنسية مثل “Cérévia” ، التي أُجبرت على مراجعة استراتيجياتها التجارية بالكامل وسط سوق دولي يعاني من تقلبات أسعار ومخاطر مناخية متزايدة، وزيادة المنافسة على مستوى عالمي .
في ضوء هذه التطورات، تتجه الجزائر نحو تعزيز شراكاتها مع موردين آخرين مثل روسيا والأرجنتين، الذين يقدمون كميات كبيرة بأسعار تنافسية. هذا التوجه يعكس تحولا استراتيجيا ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل وأيضاً على المستوى السياسي، في ظل تدهور العلاقات بين الجزائر وباريس، ورغبة الجزائر في إعادة التوازن إلى علاقاتها التجارية .
وبالنسبة للتعاونيات الزراعية الفرنسية، فإن البحث عن أسواق بديلة أصبح ضرورة ملحة، مع التركيز على آسيا ودول جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، رغم أن دخول هذه الأسواق يتطلب استثمارات كبيرة ودبلوماسية تجارية نشطة، لمواكبة الطلب المتزايد والظروف السوقية المختلفة.