ـ الإجتماع القادم لآلية دول الجوار الثلاثية لليبيا بالجزائر .
مراقبون : الإجتماعات الضيقة و الاقصائية لعدد من الدول العربية عجلت بمثل هكذا لقاءات عربية بعيدا عن قبعة الجامعة العربية التي تصارع من أجل البقاء .
الجزائر الآن _ تقرر أن تحتضن الجزائر الإجتماع القادم لاجتماع وزراء خارجية الجزائر ،مصر و تونس ( آلية دول الجوار الثلاثية لليبيا ) وذلك بعدما انتهى اجتماع القاهرة الذي حضره وزراء الدول الثلاثة وصدر عنه بيان ختامي يبين بوضوح توافق الرؤى بين العواصم الثلاث لحل الأزمة الليبة .
وبحسب عدد من المراقبين ،فإنه خلافا للجزائر وتونس، فإن مصر لديها مصالح اقتصادية كبيرة مع طرف من الأطراف الليبية ،وهي تضع هذه المصالح نصب عينيها في كل مفاوضات أو لقاءات بشأن ليبيا مهما كانت طبيعتها ،غير أنه لا يمكنها في المقابل لا يمكنها أن تهمل الجانب الأمني الذي يعتبر أكثر من ضروري بالنظر إلى الملفات الأمنية الأخرى المعقدة على جدودنا التي تعالجها القاهرة برزانة كبيرة بسبب الحسابات المعقدة و المتداخلة التي لها صلة بحلفائها و حساباتهم الخاصة التي تندرج ضمن خانة المصالح لكنها في الكثير من الأحيان ليست ” مشتركة ” ،وهي ذات الرزانة التي تعالح بها الجزائر بعض الملفات الأمنية المستجدة على حدودها الجنوبية بسبب التدخلات الخارجية لبعض الدول الكبرى من جهة ولمخططات” الفواعل الجدد” بالمنطقة من جهة أخرى .
وإذا كانت “الجزائر” وتونس لازالت تراقب عن كثب التدخلات الخارجية في المنطقة لحد الآن ، وتحاول المزج بين حماية أمنها القومي من جهة و عدم تخليها على دورها التاريخي و الإقليمي بدول الجوار بترك الساحة لأصحاب الأجندات المختلفة من جهة ثانية .فان “مصر” يبدوا بأنها تأثرت في عدد من الملفات المشتركة مع الجزائر نتيجة الضغط الذي مارسته عليها هذه الفواعل الجدد بالمنطقة لما تمتلكه هذه ( الفواعل ) من إمكانيات مالية خاصة و لحاجة الاقتصاد المصري لهذا المال في هذا الوقت بالذات.
وبحسب المراقبين فإن المستحدات التي طرأت مؤخرا بالمنطقة والتي قهقرت ( القاهرة ) في سلم الأولويات الدولية نتيجة وضعها الإقتصادي من جهة وموقفها الصارم الرافض لتهجير الفلسطينيين من جهة أخرى. بالإظافة إلى زيارة” ترامب” الأخيرة لدول الخليج وما حملته من رسائل للقاهرة من هذا الطرف وذاك ..تكون قد جعلت مصر أم الدنيا تراجع بعض حساباتها على الأقل فيما كانت تعتقده حلولا صحيحة لبعض الملفات ذات الصلة .
ومن أهم الملاحظات التي سجلها المراقبون ، عدم دعوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحضور القمة الأمريكية الخليجية التي عقدت هذا الشهر بالرياض و التي ناقشت مواضيع سياسية ( تعني الأمن القومي المصري مباشرة ) أكثر منها إقتصادية ، بعدما تركت للقاءات الثنائية التي عقدها الرئيس الأمريكي مع نظرائه من السعودية و قطر و الإمارات وهي ذات الملاحظات التي أشارت لها أطراف إعلامية مصرية ولو على إستيحاء .
بالإظافة إلى هذا ، فيرى عدد من المراقبين بأن لجوء عدد من دول معينة إلى الإجتماعات الضيقة لمناقشة مواضيع بل و قضايا الأمة العربية و الإسلامية ، يجعل من هكذا إجتماعات ضيقة في المستقبل حلا من الحلول، و بديلا محترما و( محتوما) للإجتماعات التي كانت الدول العربية تفضل عقدها تحت راية “الجامعة العربية” التي أصبحت تخدم مصالح و دول معينة على حساب مصالح ودول أخرى.
بل في بعض الأحيان خدمت مصالح وأهداف دول أجنبية تتقاطع مع أجندات دول عربية دون غيرها .
وجاء هذا اللقاء الأول إلى إعادة تنشيط هذه الآلية التشاورية الثلاثية التي تجمع دول جوار ليبيا التي لم تلتئم منذ عام 2019.
كما شكل بحسب المراقبين فرصة لتبادل الرؤى حول سبل وآفاق توحيد جهود دول الجوار الليبي الثلاث للإسهام في إنهاء حالة الانقسام بين الليبيين وإيجاد تسوية نهائية للأزمة، بما يصون سيادة ليبيا ويحفظ وحدة شعبها وأراضيها، ويعزز الاستقرار في المنطقة.
و معلوم أن آلية دول الجوار الليبي الثلاث، أنشئت في عام 2017 وعقدت اجتماعها الأول في تونس بمشاركة وزراء الخارجية، غير أنها توقفت منذ عام 2019 وسط أسئلة طرحت عن سبب هذا التوقف الذي بحسب المراقبين نقف وراءه كي أطراف تعمل على أن لا يكون أي تقارب جزائري_مصري لأن هذا أي تقارب بين القارهرة و الجزائر لا يخدم مصالحها الجيو إستراتيجية في المنطقة
هذا وقد جاء في البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر بشأن ليبيا الذي أصدرته اليوم السبت البنود التالية
1. في إطار الروابط التاريخية والأخوية والمصير المُشترك الذي يجمع كلًا من جمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بدولة ليبيا الشقيقة، وانطلاقا من العزيمة الصادقة التي تحدو القيادات العليا في كل من مصر وتونس والجزائر، عقد وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر اجتماعًا بالقاهرة يوم ٣١ مايو ٢٠٢٥ في إطار استئناف آلية دول الجوار الثلاثية لبحث مستجدات الأوضاع في ليبيا والدفع باتجاه الحل السياسي المنشود في ليبيا.
2. في ضوء التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا ومستجدات الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، جدد الوزراء الدعوة لكافة الأطراف الليبية إلى التزام أقصى درجات ضبط النفس والوقف الفوري للتصعيد، بما يكفل سلامة أبناء الشعب الليبي الشقيق.
3. أكد الوزراء في هذا الصدد على أهمية إعلاء مصالح الشعب الليبي الشقيق والحفاظ على مقدراته وممتلكاته، وتحقيق التوافق بين كافة الأطراف الليبية، بإشراف ودعم من الأمم المتحدة وبمساندة من دول الجوار، بما يفضي إلى إنهاء الانقسام والمضي قدماً بالعملية السياسية في ليبيا نحو توحيد المؤسسات وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن.
4. شدد الوزراء على ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل للأزمة الليبية وإنهاء حالة الانقسام السياسي تجنباً لمزيد من التصعيد وانتشار العنف والإرهاب واتساع دائرة الصراع، مؤكدين في هذا الصدد على أن أمن ليبيا من أمن دول الجوار.
5. أكد الوزراء على ضرورة الملكية الليبية الخالصة للعملية السياسية في ليبيا وأن الحل السياسي يجب أن يكون ليبياً- ليبياً ونابعاً من إرادة وتوافق كافة مكونات الشعب الليبي الشقيق، بمساندة ودعم الأمم المتحدة، وبما يراعي مصالح أبناء الشعب الليبي الشقيق دون إقصاء.
6. أكد الوزراء على رفض كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا والتي من شأنها تأجيج التوتر الداخلي وإطالة أمد الأزمة الليبية بما يهدد الأمن والاستقرار في ليبيا ودول الجوار، وكذلك على ضرورة مواصلة دعم جهود اللجنة العسكرية المُشتركة (٥+٥) لتثبيت وقف إطلاق النار القائم، وخروج كافة القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة في مدى زمني مُحدد، وإعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، في إطار من الانسجام التام مع المساعي الجارية في الأطر الأممية والأفريقية والعربية والمتوسطية.
7. اتفق الوزراء على مواصلة التنسيق بين الدول الثلاث والأمم المتحدة لتقييم الوضع في ليبيا وتبادل الرؤى حول مستقبل المشهد السياسي الليبي وكيفية التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
8. أعرب وزيرا خارجية تونس والجزائر عن خالص شكرهما لمصر لاستضافة هذا الاجتماع في هذا التوقيت الدقيق وعلى حٌسن الاستقبال وكرم الضيافة، وأكد الوزراء على ضرورة عقد اجتماعات دورية لآلية دول الجوار الثلاثية، على أن يُعقد الاجتماع الوزاري المُقبل للآلية في الجزائر ثم تونس قبل نهاية العام الجاري.