الجزائرالٱن _ في مواجهة شبح حرائق الغابات الذي أرّق الجزائريين في السنوات الماضية، أكّد المدير العام للغابات، جمال طواهرية، أن الدولة باتت مستعدة أكثر من أي وقت مضى لصيف آمن وهادئ، مسلحّةً بأسطول جوي متطور وأحدث التقنيات التكنولوجية، بما في ذلك الدرونات والكاميرات الحرارية.
طواهرية، الذي نزل ضيفًا على برنامج “ضيف الصباح” بالإذاعة الوطنية، أوضح أن الجزائر دخلت منذ الفاتح ماي الجاري في مرحلة تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة حرائق الغابات، وذلك للسنة الثانية على التوالي. والنتائج -حسبه– بدأت تظهر مبكرا: فقط هكتاران تضررا من النيران خلال هذا الشهر، مقابل 25 هكتارًا في نفس الفترة من السنة الماضية.
وأضاف أن المناطق الغابية التي التهمتها النيران العام الماضي، والتي قُدرت بـ3 آلاف هكتار، استعادت عافيتها، وأن التحقيقات كشفت أن أغلب الحرائق بدأت من أراضٍ خاصة قبل أن تمتد إلى الغابات، ما يطرح من جديد مسؤولية المواطنين.
الوقاية تبدأ من المواطن
مدير الغابات شدّد على أن كل الجهود اليوم تتركز على الوقاية والتحسيس، قائلاً إن جمعيات المجتمع المدني تلعب دورًا جوهريًا في توعية السكان القريبين من المساحات الغابية. كما تُسجَّل مشاركة فعلية لمصالح الغابات ميدانيًا من خلال أعوانها وشاحناتها ومخططات الأشغال التي تهدف إلى فتح المسالك وتسهيل التدخل السريع عند اندلاع الحرائق.
من بين الإجراءات الوقائية التي لفت إليها المسؤول، حفر خنادق مضادة للنيران بعرض 50 متراً، على امتداد الغابات، ما يُعد حاجزًا طبيعيًا أمام توسّع اللهب.
تكنولوجيا في قلب الغابة
ومع دخول التكنولوجيا على الخط، أصبحت المديرية العامة للغابات تشتغل بتنسيق يومي مع مصالح الأرصاد الجوية، وتتلقى نشرات جوية خاصة بالمناطق الحساسة. كما تستعين بخدمات الوكالة الفضائية الجزائرية لرسم خريطة يومية للمناطق المعرّضة للخطر.
ولأول مرة، تستفيد مصالح الغابات من خدمات مؤسسات ناشئة جزائرية، على غرار مؤسسة بتيزي وزو وفّرت كاميرات حرارية ترصد الحرائق بدقة وفي الوقت الحقيقي. كما يجري استخدام الطائرات المسيّرة (الدرونات) لمتابعة نشوب الحرائق وتحديد طبيعتها وأسبابها، خاصة تلك الناتجة عن الإهمال أو العمل الإجرامي، مع التذكير بأن القوانين صارمة وقد تصل العقوبة إلى أكثر من 30 سنة سجنًا في حال التسبب في الوفاة أو أضرار جسيمة.
طائرات الإطفاء في الخدمة
المدير العام للغابات كشف أيضًا عن امتلاك الجزائر لأسطول جوي متطور، على رأسه الطائرة العملاقة Beriev Be-200 التابعة للجيش الوطني، والتي أبانت عن كفاءة عالية ميدانيًا. هذه الطائرات تلعب دورًا كبيرًا في تقليص شدة النيران، ما يسهّل تدخل الفرق الأرضية داخل عمق الغابات.
وفي إطار التعاون بين المؤسسات، أشار إلى شراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لاستعمال الإنترنت والأقمار الصناعية في مسح المناطق الجبلية، حيث انطلقت تجربة أولية في ولاية البليدة.
السد الأخضر يعود بقوة
وفي سياق مرتبط، وصف طواهرية مشروع السد الأخضر بـ”مشروع القرن”، مشيرًا إلى أن الجزائر دخلت عامها الثاني في خطة إعادة تهيئة وتوسعة هذا الحزام البيئي، بعدما أصبح نموذجًا تُحتذى به عدة دول.
النتائج العملية بدأت تظهر: غُرِس أكثر من 24 ألف هكتار بأشجار مثمرة ومقاومة للتصحر، كما تم حفر آبار لفائدة السكان المحليين. الهدف المرسوم؟ الوصول إلى 400 ألف هكتار. ويجري حاليًا تجريب زراعة 500 هكتار من شجرة “الباولونيا” في الأغواط لإنتاج الخشب وإعادة تثمين الغطاء النباتي.
غابات مفتوحة… لكن بشروط
مع اقتراب عطلة العيد، وضعت المديرية العامة للغابات مخططًا خاصًا لتأمين الغابات، يتضمن منع الشواء بالفحم ومنع الولوج إلى بعض المناطق الحساسة لتفادي اندلاع أي شرارة.
وفي المقابل، تم تجهيز فضاءات للراحة والترفيه في المناطق الغابية بمختلف ولايات الوطن، وهي متاحة للاستثمار من قبل الشباب وأصحاب المبادرات.