في قلب مدينة فيلوربان قرب ليون، يسطع نجم الشيف الفرنسي من أصل جزائري كريم بوخاري، الذي نجح في ما لم يسبقه إليه أحد، وهو تقديم مطبخ فرنسي راق مائة في المائة حلال، محافظًا على أصالة النكهة الفرنسية، ومضيفًا إليها لمسة جزائرية تنبع من الجذور والذاكرة.
منذ سنة 2015، ومطعم “كوزين أون فيل” يفتح أبوابه أمام الزبائن الباحثين عن تجربة فريدة من نوعها، إذ يقدم قائمة عالية الجودة بأسعار مدروسة، خالية تمامًا من الكحول، ومعتمدة على منتجات طازجة من أسواق ليون. يختار الشيف كريم بعناية مكوناته، فيستبدل النبيذ في الطهي بمرق التوابل أو الماء، ويقدم مشروبات بديلة مثل الموهيتو الخالي من الكحول أو الشاي، في انسجام تام مع متطلبات الحلال.
لم تكن مسيرة بوخاري في الواقع مفروشة بالورود، فقد بدأ من غسيل الصحون وتسلق السلم المهني حتى عمل في أرقى المطاعم الفرنسية مثل “غي سافوا” في باريس و”جورج بلان” في فوناس.
حاز على جائزة “تايتنجر” المرموقة سنة 2002، ويعد اليوم عضوًا في الكلية الطهوية الفرنسية تحت إشراف آلان دوكاس. في مطعمه المتواضع ذي الثلاثين مقعدًا، يجمع كريم بين البساطة والإبداع، فيقدم أطباقًا فرنسية بلمسة جزائرية كالشخشوخة بلمسة الزعفران أو النوكي المصنوع من السميد.
ويقول الطاهي الجزائري أن طموحه كبير، ومشروعه واسع، فهو لا يهدف إلى تأسيس مطعم نخبوي، بل يسعى إلى تقديم مطبخ حلال إلى الجميع دون استثناء، في قالب يحترم المعتقدات ويكسر الصورة النمطية السائدة عن الأكل الحلال باعتباره حكرًا على الوجبات السريعة.
وهكذا يثبت كريم بوخاري أن الهوية الجزائرية، ستظل تفرض نفسها في العالم وتسيطر وأن الحلال قادر على أن يتربع على عرش الأطباق في أعرق مطابخ العالم.