آخر الأخبار

ترامب و دول الخليج..مستجدات تحت المجهر 

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

الجزائرالٱن _ في ظل تحولات متسارعة تعرفها خريطة العلاقات الدولية، تتجه الأنظار إلى زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج، حيث بدا واضحًا أن القرار الأمريكي في ملفات حساسة كغزة، وسوريا، وإيران، بات يتأثر بشكل متزايد بثقل العواصم الخليجية، مقابل تراجع ملحوظ في التنسيق التقليدي مع الكيان الصهيوني. هذه المتغيرات أثارت تساؤلات واسعة لدى المتابعين حول أولويات ترامب، وهل هو فعلاً من يقود السياسة الخارجية الأمريكية أم أنّه بات رهينة لمصالح الدول النفطية.

في هذا السياق، خصّصت صحيفة الغارديان البريطانية مقالًا تحليليًا تحت عنوان: “ترامب يظن أنه يرسم مستقبل الشرق الأوسط.. لكن القرار في يد الخليج”، للكاتب سايمون تيسدال، الذي يرى أن الرئيس الأمريكي، رغم استعراضه للقوة، إلا أنه في واقع الأمر يعتمد بشكل مفرط على دعم حلفائه الخليجيين، سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي وحتى العسكري.

ويذهب الكاتب إلى حد القول إنّ قادة الخليج باتوا يمسكون بمفاتيح التوجيه داخل البيت الأبيض، وهم من يمارسون ضغطًا مباشرًا على ترامب لدفعه نحو اتخاذ مواقف تخدم أولوياتهم، حتى وإن كانت مناقضة لتوجهات بعض شركائه التقليديين، خاصة الكيان الصهيوني.

الخليج يضغط… وفلسطين كلمة السر

يركّز المقال على أهمية الدور الخليجي في ملفات المنطقة، مشيرًا إلى أن العواصم الخليجية باتت قادرة على فرض شروطها، خاصة في ما يتعلق بالملف الفلسطيني، حيث يواجه ترامب ضغوطًا متزايدة من أجل المساعدة في وقف العدوان على غزة، كمدخل ضروري لأي حديث عن تطبيع إضافي. وقد صرّح ولي العهد السعودي، حسب المصدر ذاته، أن لا مجال لأي خطوات في إطار ما يُسمّى بـ”اتفاقيات أبراهام” دون تقدم حقيقي نحو حلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

واشنطن تتجاهل الكيان الصهيوني… والمصالح أولًا

اللافت في التحليل البريطاني هو الإشارة إلى أن هذا التحول في مواقف ترامب ليس وليد مبدأ، بل ناتج عن “صفقات مصالح”، فالرئيس الأمريكي –الذي رافقه خلال زيارته عدد كبير من رجال الأعمال– يبدو مهتمًا أكثر بالاستثمارات الخليجية وصفقات الأسلحة وخفض أسعار النفط، مقابل غض الطرف عن قضايا مثل حقوق الإنسان والانتهاكات الجارية في المنطقة.

ويضيف الكاتب أن هذا “الانحناء” الأمريكي أمام الضغط الخليجي قد يفضي إلى تغييرات حقيقية في ملفات مثل اليمن، والعقوبات على سوريا، وربما حتى العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران.

هل بات الكيان الصهيوني خارج حسابات ترامب؟

في مقال آخر نشرته صحيفة جيروزاليم بوست العبرية، عبّر كاتب الرأي مايكل جي سالامون عن قلق داخل أوساط الكيان الصهيوني من التحولات في خطاب ترامب، متسائلًا إن كان بالإمكان الوثوق في رئيس أمريكي “يغيّر مواقفه بحسب مصلحته الشخصية”، خاصة وأنه لم يُدرج الكيان ضمن محطات جولته في المنطقة، وهو ما اعتُبر رسالة تجاهل.

ويحذر الكاتب من تكرار تجربة أوكرانيا، حيث مارس ترامب ضغوطًا شخصية على زيلينسكي، مشيرًا إلى أنّ قرارات ترامب كثيرًا ما تكون مرتبطة بشركاته ومصالحه المالية الخاصة، بما في ذلك مشاريع مرتبطة بقطر والسعودية، وحتى استثمارات في العملات الرقمية، ما يثير الشكوك حول خلفيات قراراته السياسية.

إيران… بين التصعيد والرهانات الشخصية

وفي تحليل ثالث نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، بعنوان: “ترامب في اختبار حقيقي مع إيران”، دعا الكاتب ديفيد جوثارد إلى عدم الوثوق بالدبلوماسية، مشيرًا إلى أنّ الخيار العسكري يظلّ الحل الوحيد لـ”تفكيك البرنامج النووي الإيراني”.

وحذّر المقال من أن التراجع عن المواجهة مع طهران سيُنظر إليه على أنه ضعف كبير في الموقف الأمريكي، يشبه فوضى الانسحاب من أفغانستان، مشيرًا إلى أن أي صفقة لا تؤدي إلى القضاء الكامل على القدرات النووية الإيرانية ستكون انتصارًا لطهران.

كما نبّه إلى أن الكيان الصهيوني يفتقر إلى القدرة الكاملة لتنفيذ ضربة منفردة، ما يجعله ينتظر قرارًا أمريكيًا، أو بالأحرى ضوءًا أخضر من ترامب الذي قد يضع مصالحه التجارية فوق أي تحالف.

وتعكس هذه المقالات الدولية حالة ارتباك في السياسة الأمريكية، حيث أصبح القرار مرتهنًا لحسابات شخصية من جهة، وضغوط خليجية من جهة أخرى، في ظل تراجع تأثير الكيان الصهيوني الذي طالما شكّل بوصلة السياسة الأمريكية في المنطقة. هذه المعطيات تفتح الباب أمام مرحلة جديدة، يكون فيها المال والنفط أكثر تأثيرًا من التحالفات التقليدية، وتطرح أسئلة جدية حول مستقبل الاستقرار الإقليمي في حال بقيت واشنطن تقود دبلوماسيتها من جيب رجل أعمال أكثر من كونها دولة عظمى.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا