تستعد الجزائرية سليمة بوعياد آغا، لعبور بحر المانش سباحة في عام 2026، متحدية بذلك قسوة الأمواج وبرودة المياه وحدود الجسد وخطورة مرضها، لتثبت أن العمر مجرد رقم وأن الطموح لا يعرف تقاعدًا. وحاملة في قلبها رسالة تضامن قوية مع مرضى باركنسون.
والجدير بالذكر أن سليمة التي روت قصتها المثيرة عبر حسابها على أنستغرام، هي في الواقع أستاذة اقتصاد بجامعة “لو مان” الفرنسية، لم تولد في الجزائر لكنها تربت فيها.
غادرت البلاد سنة 1991 برفقة ابنتيها بعد سنوات من العمل الأكاديمي، لتعيد بناء حياتها في فرنسا، حيث تابعت دراستها ونالت شهادة الدكتوراه قبل أن تعين أستاذة محاضرة، وهو المنصب الذي لا تزال تشغله إلى اليوم، دون تفكير في التقاعد.
وقد بدأت قصتها مع السباحة منذ سن الثالثة عشرة، حيث برزت كموهبة واعدة في المنتخب الوطني الجزائري وشاركت في بطولات دولية حتى اعتزالها عام 1978.
غير أن الشغف لم ينطفئ، إذ عادت للمسابقة بعد سنوات حين شجعتها ابنتها خلال إحدى البطولات. وانطلقت مجددًا، وتمرنت على سباحة المسافات الطويلة، لتحرز لاحقًا ألقابًا أوروبية ومراكز متقدمة في بطولات العالم.
وجاء قرار عبور المانش الذي يمتد لمسافة 34 كيلومترًا في مياه باردة متقلبة، بمثابة تحد لهذه البطلة، كسرت فيه هاحس السن و المرض، لاسيما وأنها تدرك صعوبة المهمة، خاصة وأنها تعترف بأنها “شخص شديد الحساسية للبرد”، لكنها تخوض تدريبات منتظمة في مياه لا تتجاوز 11 درجة مئوية، وستجبر على اجتياز اختبار رسمي يتمثل في السباحة ست ساعات متواصلة في مياه بدرجة حرارة 15 مئوية.
ويتطلب المشروع أو المغامرة دعمًا لوجستيًا معقدًا، من قارب مرافقة إلى طاقم مساند مكون من ثلاثة أشخاص، أحدهم شقيق زوجها، وهو عسكري مختص في الدعم الذهني، إلى جانب شقيقتها المسؤولة عن التغذية.
أما الهدف الأسمى للمغامرة، فهو دعم جمعية “فرنسا باركنسون”، إذ إن والدتها توفيت جراء هذا المرض، وهي تسعى لجمع 15 ألف يورو لتمويل المشروع.
تقول سليمة: “في سن 65 يبدأ الناس بعيش لحظاتهم الأخيرة، أما أنا فأبدأ أولى خطواتي الجديدة”.
إن هذا الإنجاز المرتقب لا يمثل فقط تحديًا جسديًا، بل يعد شرفًا وتحديًا يبرز وجه الجزائر القوي في العالم. وسليمة، التي تحمل الجنسية الفرنسية والأصول الجزائرية، تثبت أن أبناء الوطن في المهجر قادرون على تشريف بلدهم من خلال مواقفهم ومبادراتهم.