الجزائرالٱن _ منذ تفجر فضيحة ميناء طنجة، حيث تم الكشف عن تورط النظام المخزني المغربي في تسهيل عبور شحنات عسكرية صهيونية عبر أراضيه، شهدت حملات التشويه ضد الجزائر تصاعدًا محمومًا وغير مسبوق. الحادثة، التي أماطت اللثام عن مستوى التعاون الخفي بين المخزن والكيان الصهيوني، وضعت المغرب في قلب عاصفة من الإدانات، ما دفع أذرعه الإعلامية إلى شن هجمات دعائية شرسة ضد الجزائر، في محاولة يائسة لصرف الأنظار عن تورطه المكشوف أمام الرأي العام العربي والدولي.
فقد تزايدت الإشاعات التي تستهدف الجزائر بشكل لافت بعد انكشاف تورط النظام المخزني المغربي في دعم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، من خلال تسهيلات قدمت عبر ميناء طنجة، كما كشفت عن ذلك شركة “ميرسك” للنقل الدولي، التي أكدت عبور شحنات عسكرية باتجاه الأراضي المحتلة عبر الأراضي المغربية. وقد تبعت هذه الفضيحة استقالة عدد من عمال الميناء الذين سرّبوا معلومات موثقة عن هذه العمليات، رغم محاولة السلطات المغربية طمس الأدلة والتقليل من حجم الفضيحة.
في خضم هذه الفضيحة، سارعت بعض الجهات الإعلامية المرتبطة بالمخزن إلى بث إشاعات تزعم وجود علاقات خفية بين الجزائر والكيان الصهيوني، في محاولة بائسة لتشتيت الأنظار وصرف الرأي العام عن الحقائق الدامغة. غير أن التصريحات الأخيرة للإعلامي الصهيوني إيدي كوهين، المقرب من مراكز القرار في تل أبيب، جاءت لتدحض هذه الادعاءات بشكل قاطع.
في تغريدة رسمية، أكد كوهين أن (إسرائيل) لا تستورد أي بضاعة من الجزائر، ولا تربطها بها أي علاقة سياسية أو اقتصادية، مشددًا على أن أي محاولة لتبييض صورة النظام الجزائري لدى الرأي العام (الإسرائيلي) مرفوضة جملة وتفصيلًا.
هذه التصريحات الصادرة عن مصدر لا يمكن اتهامه بالمحاباة تحمل وزنًا سياسيًا وإعلاميًا بالغ الأهمية، وتفند الروايات الملفقة التي يتم ترويجها في بعض الأوساط المغرضة.
قراءة معمقة في هذا التصريح تكشف أن الإشاعات حول الجزائر لم تكن سوى محاولة لتبرير السقوط المدوي للنظام المخزني في مستنقع دعم الإبادة الجماعية في غزة. إذ تحاول بعض الدوائر الإعلامية المغربية التخفيف من وطأة الغضب الشعبي المغربي والعربي، عبر محاولة الإيحاء بأن العلاقات مع الكيان تشمل دولًا أخرى بشكل سري، وهو ما يتناقض مع الواقع الثابت والمعروف عن الدبلوماسية الجزائرية.
طوال العقود الماضية، حافظت الجزائر على موقفها المبدئي والثابت تجاه القضية الفلسطينية، رافضة أي تعامل مباشر أو غير مباشر مع الكيان الصهيوني. وقد ظل هذا الموقف يشكل أحد ثوابت السياسة الخارجية الجزائرية، سواء في المحافل الإقليمية أو الدولية، رغم التغيرات الجيوسياسية العميقة التي شهدتها المنطقة.
الأحداث الأخيرة كشفت بوضوح محدودية قدرة الإعلام الدعائي المخزني على التأثير في صورة الجزائر الخارجية. فمحاولات التشويه اصطدمت ليس فقط بجدار الموقف الجزائري الثابت، وإنما أيضًا بشهادات الخصوم أنفسهم الذين أكدوا، عن قصد أو غير قصد، أن الجزائر لا تزال خارج دائرة التطبيع ومتمسكة بثوابتها التحررية.
في ضوء هذه المعطيات، يتضح أن الادعاءات حول وجود تعامل خفي بين الجزائر والكيان الصهيوني ليست سوى أدوات إعلامية ظرفية، تم تصنيعها ضمن استراتيجية هجومية فاشلة. فالواقع الدبلوماسي، والتصريحات الرسمية، وحتى المعطيات العبرية نفسها، أكدت أن الجزائر تواصل السير بثقة على نهجها التاريخي، بعيدًا عن أي مساومات أو تسويات تمس مبادئها القومية والوطنية.
وبينما تسقط الأقنعة واحدًا تلو الآخر في المنطقة، تبقى الجزائر وفية لموقفها الأصيل: دعم غير مشروط للحق الفلسطيني، ورفض قاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، مهما كانت الضغوط أو المغريات.