الجزائرالٱن _ في خضم تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وباريس، خرج وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، بتصريحات عاطفية لا تخلو من مبالغة، محاولًا استدرار التعاطف بعد قرار الجزائر طرد عدد من الدبلوماسيين الفرنسيين بشكل سيادي ومباشر.
وقد استقبل روتايو، رفقة وزير الخارجية جون نويل بارو، مساء الثلاثاء، مجموعة من الدبلوماسيين الفرنسيين الذين غادروا الجزائر مؤخرًا على خلفية هذا القرار السيادي، وذلك في لقاء مغلق بباريس حضره أيضًا السفير الفرنسي المستدعى للتشاور منذ منتصف أفريل.
وفي حديثه لقناة “BFMTV”، الأربعاء، حاول روتايو أن يرسم مشهدًا دراميًا للقاء الذي جمعه بالدبلوماسيين المطرودين، قائلاً إنهم كانوا في “حالة صدمة شديدة”، وأنه لاحظ على وجوههم “حزنًا وانهيارًا نفسيًا”، على حد تعبيره.
ولم يتوقف روتايو عند هذا الحد، بل أشار إلى أن بعض الدبلوماسيين اضطروا إلى ترك عائلاتهم وأطفالهم الذين كانوا يزاولون دراستهم في الجزائر، بل وصل إلى حد التلويح بأن عددا منهم كانوا متزوجين من جزائريات، وكأن في ذلك مبررًا لتجاوز السيادة الجزائرية أو التغاضي عن تجاوزاتهم.
محاولات وزير الداخلية الفرنسي هذه لتمويه جوهر القضية، لم تنطل على المراقبين، الذين أكدوا أن ما حدث هو تجسيد حقيقي للسيادة الجزائرية، بعد أن وصل التمادي الفرنسي في التدخلات والخروقات إلى حدود غير مقبولة.
قرار الجزائر بطرد الدبلوماسيين خلال مهلة 48 ساعة، لم يكن سوى رد فعل محسوب على سلوك غير ودي، وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية صراحة أن القرار اتُخذ بـ”صفة سيادية”. وهو موقف حازم يعكس تغيرًا واضحًا في تعامل الجزائر مع أي محاولات للوصاية أو الاستفزاز.
ورغم أنّ باريس حاولت حفظ ماء وجهها بطرد دبلوماسيين جزائريين ردًا على الخطوة الجزائرية، إلا أن تصريحات روتايو كشفت هشاشة الموقف الفرنسي وحجم التخبط داخل الدوائر الرسمية الفرنسية التي لم تستوعب بعد أن زمن الإملاءات ولى.
تصريحات روتايو، بدل أن تهدئ الأوضاع، أظهرت بوضوح أن فرنسا لا تزال تحنّ إلى لغة الوصاية والاستعلاء، لكنها تواجه اليوم جزائرًا جديدة لا تقبل الإملاءات، ولا تتردد في الدفاع عن سيادتها بكل وضوح وصرامة.