آخر الأخبار

كذبة الـ52 شهرًا... كيف نسف مستشار ترامب الرواية المغربية من أساسها؟

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

الجزائرالٱن _ لم تكن “تغريدة” الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر 2020 “اعترافًا” بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، كما ظلّ الإعلام المغربي يروّج طوال أكثر من أربع سنوات. بل إنّ مستشار ترامب ذاته، مسعد بولس، خرج أخيرًا ليضع النقاط على الحروف، ويكشف أن تلك “التغريدة” لم تكن شيكًا على بياض، بل موقفًا مشروطًا بالحوار وقبول الطرفين. وهنا تنهار واحدة من أكبر الدعايات التي شيّد عليها المغرب أطروحته السياسية والدبلوماسية في المحافل الدولية.

تغريدة مشروطة… لا اعتراف مطلق

ما قاله بولس، في حوار مع قناة “العربية”، لا يترك مجالًا للتأويل: “تغريدة ترامب لم تكن مفتوحة بل مشروطة بالحوار وقبول الطرفين.” هذه العبارة وحدها كافية لنسف الرواية المغربية التي صُدّرت للعالم باعتبار أنّ ترامب “اعترف” للمغرب بالصحراء الغربية. والواقع أنّ لا اعتراف هناك ولا تبنٍّ، بل مقترح مشروط. فإذا كان أحد الطرفين، أي الشعب الصحراوي، لم يقبل بذلك، فلا معنى لأي حديث عن “سيادة” أو “حسم”.

الوزير روبيو… التوازن لا الانحياز

بولس لم يكن وحده في هذا الطرح، بل أكد أنّ وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، شدد بدوره على ضرورة “حلّ مقبول للطرفين”. كيف يمكن لواشنطن أن تكون قد منحت السيادة للمغرب، بينما أحد أهم المسؤولين في الخارجية يكرر التزام أمريكا بحل متوازن؟ هذا التناقض يُظهر أنّ كل ما فعله المغرب كان تضخيمًا إعلاميا لخرق دبلوماسي لا يحمل أي إلزام قانوني، بل يحمل شروطًا واضحة.

مأزق الرواية المخزنية

الأخطر من ذلك أنّ تصريحات بولس تكشف أنّ الرباط كانت تعلم منذ البداية أنّ الموقف الأمريكي لا يُعطيها الضوء الأخضر، لكنّها اختارت تسويق الكذبة. اختارت أن توهم الداخل والخارج بأنّ الملف قد طُوي، وأنّ الدعم الأمريكي مكسبٌ لا رجعة فيه. اليوم، وبعد 52 شهرًا، تسقط هذه الورقة أمام أعين الجميع.

الصحراويون… الطرف المغيّب عمدا

تصريحات بولس أعادت أيضًا الروح إلى الموقف الجزائري، عندما قال إنّ الجزائر مستعدة لقبول الحل الذي يقبل به الشعب الصحراوي، مضيفًا أنّ هناك “200 ألف لاجئ صحراوي ينتظرون الحل”. في هذه الجملة القصيرة، تلخيص لفشل كل محاولات الرباط في تغييب الصوت الحقيقي للقضية: الشعب الصحراوي. وأمام هذا الرقم وهذه الحقيقة، لا يمكن القفز على جوهر القضية أو الالتفاف عليها بإعلانات تغرد خارج الشرعية الدولية.

من الاعتراف إلى الوهم… ثم العودة إلى الواقع

لقد أراد المغرب تحويل “تغريدة” إلى وثيقة دولية طوال52 شهرًا من التحايل والتضليل الإعلامي والسياسي، لكن كل شيئ سقط بجملة واحدة من مسؤول أمريكي مقرّب من الرئيس ترامب. تصريحات بولس لم تأتِ من باب المزايدة، بل من باب التوضيح. وبذلك، لا تغيّر الولايات المتحدة موقفها، بل توضّح ما لم ترد الرباط أن يسمعه العالم.

لقد حاولت الرباط تسويق السراب، لكنّها نسيت أنّ الحقيقة لا تُمحى بتغريدة، ولا تُفرض بخرائط مزيفة أو فتح قنصليات وهمية. واليوم، تكشف تصريحات بولس أنّ مشروع الحكم الذاتي الذي يتغنى به المخزن، لا يحظى بالإجماع، ولا حتى بالاعتراف المطلق من أقرب حلفائه.

والأكيد أن معركة الوعي السياسي حول الصحراء الغربية بدأت تدخل مرحلة جديدة: مرحلة سقوط الأقنعة.

شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا