الجزائرالٱن _ في خطوة وُصفت بأنّها مفتاح لتعزيز الاستقرار الإقليمي ودفع المشاريع الاستراتيجية الكبرى نحو الأمام، أعلنت وسائل إعلام نيجرية عن استئناف التعاون الثنائي بين نيجيريا والنيجر، بعد قطيعة دبلوماسية دامت أكثر من عام نتيجة الانقلاب العسكري في نيامي.
وجاء هذا التقارب بعد زيارة أداها وزير الخارجية النيجيري يوسف ميتما توغار إلى العاصمة النيجرية، حاملاً رسالة من الرئيس بولا أحمد تينوبو إلى نظيره الانتقالي الجنرال عبد الرحمن تياني. وقد عبّر توغار عن رغبة بلاده في طيّ صفحة التوتر، مؤكداً أنّ نيجيريا “لا تضمر أي نية لزعزعة استقرار النيجر”، مشددًا على وحدة المصير بين البلدين الجارين.
اللقاء الذي جمع الوزير النيجيري بنظيره في النيجر ياو سانغاري باكاري، تناول قضايا ذات طابع اقتصادي وأمني، خصوصًا على مستوى المناطق الحدودية، حيث وصف البيان الصادر عقب اللقاء المحادثات بـ”الودية والإيجابية”. وتم التطرق أيضًا إلى مشاريع ربط لوجستي مثل السكك الحديدية بين مدن كانو وكاتسينا وجيبيا ومارادي، إلى جانب الطريق السريع العابر للصحراء، فضلًا عن قضايا جمركية وضريبية.
الجزائر الرابح الأكبر من التهدئة بين نيامي وأبوجا
وبالنظر إلى ما تمثله النيجر ونيجيريا من محاور أساسية في مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء (TSGP)، فإنّ هذا التحول الدبلوماسي يعزز الآمال في إحياء المشروع الاستراتيجي الذي تقوده الجزائر، والرامي إلى نقل الغاز النيجيري نحو أوروبا مرورًا بالنيجر فالجزائر.
ويُعد المشروع أحد أبرز البدائل الطاقوية للقارة الأوروبية، خصوصًا في ظل المتغيرات الجيوسياسية بعد الحرب في أوكرانيا. وقد كانت حالة التوتر بين نيامي وأبوجا من بين العراقيل التي أبطأت التحرك الفعلي لإنجاز البنية التحتية الخاصة به.
وترى الجزائر في هذا الانفراج السياسي فرصة لإعادة ترتيب الأولويات الإقليمية بما يخدم مصالح دول الجنوب، حيث يمكن أن يشكّل هذا المشروع نقطة تقاطع إيجابية بين الأمن والتنمية في الساحل، ويعزّز مكانة الجزائر كممر طاقوي موثوق على الساحة الدولية.
مصالحة تخدم الأمن والتنمية في منطقة الساحل
الزيارة تأتي بعد سلسلة من الإشارات السياسية من الطرف النيجيري، بينها زيارة سابقة لقائد أركان الجيش النيجيري إلى نيامي، ودعوات للإفراج عن الرئيس المخلوع محمد بازوم، ما يوحي بتحول تدريجي نحو الحلول السياسية بدل لغة الضغط.
جدير بالذكر أن النيجر، إلى جانب مالي وبوركينا فاسو، انسحبت من المنظمات الإقليمية التقليدية مثل “إيكواس” و”مجموعة دول الساحل”، وشكلت تحالفًا ثلاثيًا جديدًا، ما أعاد تشكيل معادلات القوة في غرب إفريقيا. وبالرغم من هذه التغييرات، فإنّ الجزائر لا تزال طرفًا مقبولًا لدى مختلف الفاعلين في المنطقة، بفضل مواقفها الثابتة الداعية للحوار واللاعنف.
وفي هذا السياق، يمكن اعتبار استئناف العلاقات بين نيجيريا والنيجر خطوة إيجابية قد تسهّل على الجزائر مهمة تحريك ملفات الطاقة، والتكامل الإقليمي، والتعاون جنوب-جنوب، خصوصًا في ظل إصرارها على جعل مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء ركيزة مركزية في سياستها الطاقوية والإفريقية.