_ جمعية العلماء هي روح الثورة وذاكرتها الفكرية والثقافية.
_ ابن باديس لم يصنع رصاصا وإنما أنار طريق الخلاص.
_ ثلاث كلمات رسمت مسار الثورة: الإسلام ديننا. العربية لغتنا. الجزائر وطننا.
الجزائر الآن _ في ذكرى يوم العلم 16 أبريل من كل عام تحتفل الجزائر بيوم العلم لتتذكر الأجيال أن هذا الوطن لم تعدم – في تاريخه كله – وجود مفكرين ومصلحين ووطنيين وصناع تاريخ.. وأن ابن باديس المتوفى يوم 16 أبريل 1940 (رحمه الله) لم يكن “شيخا تقليديا” يعلم مريديه الأذكار والأوراد والأدعية.. فحسب . ويخفي رأسه في الرمال متجاهلا أن شعبه مستعبد ودينه ممنوع ووطنه محتل ولغته مصادرة.. بل كان مصلحا ثائرا وضع ذلك كله في صميم اهتماماته وفي تعليمه ودروسه وخطبه ومقالاته.. وقد وعاه عقله وأشربه قلبه فخطط لمستقبل الجزائر بمعية رفيق دربه الشيخ البشير الإبراهيمي (الذي التقاه في المدينة المنورة وأقاما معا 06 أشهر كاملة للمدارسة و البحث) ووضعا لمستقبل الأجيال منطلقات وغايات ووسائل.
أما المنطلفات فالتربية والتعليم والنهوض برسالة الوعي لمواجهة استعمار استيطاني غايته مسخ هوية الأمة وجعلها جزءا من فرنسا.
وأما غاياته الكبرى فإعادة ربط الجزائر بموروثها التاريخي والحضاري واللغوي والثقافي.. والاجتهاد في بعث رجال من الخلف على شاكلة من كانوا من رجال السلف مع مراعاة المتغيرات التي طرأت على المجتمع وعلى الأسرة الدولية بعد الحرب العالمية الأولى.
وأما الوسائل فكان من أبرزها التربية والتعليم والإعلام واستدعاء التاريخ وتنظيم الجهود وتوحيد الصف وانتقاء الرواحل التي ستحمل مسؤولية الاصلاح .
ولما عاد إلى أرض الوطن شرع في تنفيذ المتفق عليه.. ومع أن المحتل كان له بالمرصاد إلا أن استقلاليته عن فرنسا ومرونته وقدرته على تجديد وسائله وفهمه للواقع.. سهل عليه الارتقاء بشعبه من حضيض الاستيلاب الحضاري إلى الوعي بكينونته التي اختزلها في ثلاث جمل مفيدة هي برنامج حياته وهي طريق نهضته:
– الإسلام ديننا.
– العربية لغتنا.
– الجزائر وطننا.
بشعار أن (الحق فوق كل أحد والجزائر قبل كل شيء). وأن “الجزائر ليست فرنسا ولا بمكن أن تكون فرنسا ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت” كما كان يردد.
وكان من أقدار الله أن تستفزه مشاهد احتفال فرنسا بمرور 100 عام على احتلال الجزائر ابتداء من شهر جوان عام 1930. وهي احتفالات زاخرة كان مقررا أن تستمر إلى نهاية العام. ولكن وعي الشعب الجزائري برهن على أن شعار “الجزائر فرنسية” كان وهما أو هو حلم بعيد المنال..!! فلم تمر إلا بصعة أشهر على تلكم الفرحة الاستعمارية – التي لم تتم – حتى تم الإعلان عن ميلاد (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) التي انصهرت في بوتقتها جميع الأطياف والألوان والتوجهات والمذاهب.. لإنجاز هدف مشترك هو النهضة من كبوة استعمار استيطاني غاشم حوًل المساجد إلى اسطبلات لخيول الغزاة. وأصدر قانون 8 مارس 1936 الذي ينص على أن اللغة العربية لغة أجنبية ..!! وأن الجزائريين أهالي وعليهم الإندماج في نسيج المستعمر أو الفناء بالعزلة والتهميش.. وليس أمام هذا الشعب سوى الاستسلام أو الفناء.
أوقد ابن باديس شمعة في نفق ظلام المستدمر فأبصر الشعب بدابة الأفق. وحملت الحركة الوطنية على كاهلها مسؤولية تفجير الثورة فالتفى نور العلم بنار البارود على أمر قد قُدر. وعجل سقوط فرنسا تحت ضربات النازية في الحرب العالمية الثانية بتنامي فكرة التحرير الوطني.. ثم كانت الشرارة الساخنة يوم 8 ماي 1945 ليتخلق جنين (ثورة التحرير) في رحم الجزائريين بنور العلم الباديسي وبنار القتال الوطني تحت جيش واحد وجبهة واحدة شعارهما: وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.. فاشهدوا..
فشهدنا: فكان منا من قضى نحبه ومنا من ينتظر ولن نبدل تبدبلا.