في قلب العاصمة الفرنسية باريس، تتفجر واحدة من أخطر قضايا احتيال عقاري طالت عددا كبيرا من الضحايا، بينهم جزائريون كثر، معظمهم من الطلبة أو الوافدين الجدد الباحثين عن سكن.
القضية أُطلق عليها اسم “خدعة الـ1700 يورو”، وهي عملية نصب واحتيال منظمة ومحكمة أوقعت ضحاياها في شباكها عبر إعلانات مغرية على منصات شهيرة مثل SeLoger وLeboncoin وPAP.
الخدعة تبدأ بإعلان عن شقة في حي راق في باريس، بمواصفات ممتازة وسعر مغر أقل من سعر السوق، مع استعمال صور احترافية ووصف دقيق، مما يغري الباحثين عن سكن، خاصة في مدينة ترتفع فيها الإيجارات بشكل جنوني.
يتواصل الضحية مع من يعتقد أنه وكيل عقاري محترف، يبدو متعاونا وسريع الاستجابة، ويحدد موعدا لزيارة العقار.
وتكون الشقة فعلا موجودة، نظيفة ومؤثثة بشكل لائق، لأنها مستأجرة مؤقتاً عبر Airbnb من قبل المحتالين.
بعد الزيارة، يتلقى للضحية نسخة من عقد الإيجار ويطلب منه دفعة مالية عاجلة بقيمة 1700 يورو، تشمل الإيجار والضمان.
يتم الدفع عادة عن طريق التحويل البنكي، مع وعد بتسليم المفاتيح خلال أيام. لكن بمجرد إتمام الدفع، يختفي المحتال. حيث يغلق هاتفه وبريده الإلكتروني يتوقف عن الرد، ويلغى الموقع الإلكتروني للوكالة المزعومة.
وقبل موعد الدخول المفترض، يتلقى الضحية رسالة بريد إلكتروني تدعي أن الشقة تعرضت “للاستيلاء” وأنه سيتم تعويضه. ليتبين لاحقا أن العنوان وهمي والوثائق مزورة، والمحتالون لا يمكن تعقبهم.
عدد من الجزائريين ضحايا هذه الخدعة تحدثوا لوسائل إعلام من بينهم موقع “دي أن ألجيري”، محذرين من تكرار السيناريو ذاته في مناطق مثل الدائرة الثانية والسابعة عشرة بباريس. وقدروا الخسائر الفردية بـ1700 يورو لكل شخص، دون أي إمكانية لاستعادة المبلغ.
من جهتها، تواجه السلطات الفرنسية صعوبات كبيرة في تعقب هذه الشبكات، التي تتنقل وتغير هوياتها الإلكترونية بسرعة، في حين يبقى الأمل الوحيد للضحايا تقديم شكاوى رسمية، رغم أن فرص استرجاع الأموال ضئيلة.
هذه القضية تسلط الضوء على هشاشة وضع المغتربين، وخصوصا الجزائريين الجدد، في مواجهة واقع معقد ومليء بالفخاخ، حيث قد تتحول أحلام البدايات الجديدة إلى كوابيس مالية ونفسية.
@ آلاء عمري