آخر الأخبار

رمي حلويات العيد في المزابل.. إلى أين؟ - الإخبارية

شارك

تتكرر في كل عيد من الأعياد الدينية في الجزائر، ظاهرة رمي حلويات العيد في المزابل، في مشهد مؤسف بات مألوفا، حيث يتم العثور على حلويات صنعت بعناء أو اقتنيت بأثمان باهظة، وبمكونات ليست في متناول جميع المواطنين، في باطنها جوز ولوز ومختلف المكسرات والمستحضرات الملكية، ينتهي بها المطاف في سلة المهملات.

والمؤسف أنه وفي زمن عزت فيه لقمة العيش، تشهد هذه الظاهرة المشينة تمددا وتنسحب على كل ولايات الوطن، حيث لم تعد الظاهرة مجرد تصرفات فردية، بل أصبحت تعبيرا عن أزمة ثقة خانقة بين الناس.

وفي زمن تتكاثر فيه الشكوك وتنتشر فيه الحكايات والروايات المريبة، لم يعد الجار يثق في جاره، ولا القريب في قريبه ولا حتى الأخ في أخيه ولا الأخت التي تحولت إلى غريمة لأختها. وبات المسيطر بين البيوت هو الخوف من التسمم أو استعمال الحلوى في أعمال السحر، وهو ما يعكس حجم الانهيار في الروابط الاجتماعية، وانطفاء شعلة الطمأنينة بين أفراد المجتمع الواحد.

صار الحديث عن “حلوى مسحورة” أو “هدية بنية خبيثة” جزءا من الثقافة الشعبية للأسف، ومحور نقاش هرب بالناس من القضايا المصيرية للأمة، يتداول في المجالس والأحاديث اليومية، حتى بات البعض يرفض الهدايا بشكل قاطع، ومنهم من يقبلها شكليا على سبيل المجاملة، ليسارع إلى التخلص منها خشية الأذى أو الوقوع في فخ السحر وتدابير السحرة.

وفي زمن مواقع التواصل الاجتماعي التي سيطرت على العقول، تحولت مظاهر العيد إلى استعراض اجتماعي لا أكثر، حيث تقدم الحلويات أحيانا بنية المجاملة لا المحبة، والتفاخر لا الإخلاص. وهنا يبدأ الشك، وتفتح أبواب التأويلات والوساوس، ويضيع المعنى الحقيقي للعيد.

وغاب الوعي والوازع الديني، الذي يجعل من رمي تلك الحلويات إسرافا وإهانة للنعم الربانية، والأجدر بنا اليوم أن نعيد النظر في نوايانا وتعاملنا، بدل أن نسمح للظنون والقصص المتداولة أن تتحكم في سلوكنا، وأن يكون تعاملنا مبنيا على نشر الوعي ، وتعزيز الثقة، بدل أن نحول فرحة العيد إلى حالة من القلق والتوجس من بعضنا البعض.

واليوم قد نجد بين خيارين لا ثالث لهما إن كنا نرغب في المحافظة على موروثاتنا وأصالتنا وعلاقاتنا الاجتماعية الطيبة، فإما أن نتبادل تلك الحلويات ونجعلها فرصة للتواصل والمحبة أو أن نتوقف نهائيا عن هذه العادة التي يفضل أصحابها دفن الحلويات في المزابل، بدل دفن الشك.

@ آلاء عمري

الإخبارية المصدر: الإخبارية
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا