البروفيسور منتالشتة.. أول من ربط الجزائر بشبكة الإنترنت!

في ركن بعيد وهادئ لا تصله الأضواء، رسم البروفيسور الجزائري يوسف منتالشتة مسيرة علمية استثنائية ورائدة جعلته أحد أعمدة النهضة التكنولوجية في الجزائر.

ولد البروفيسور سنة 1934 في مدينة الورود، البليدة، وسط عائلة فقيرة مثلما يصفها شخصيا، لكنه استطاع بشغفه وعزيمته أن يصنع تاريخا مشرفا للعلم والتكنولوجيا في بلده، ليصبح أول جزائري يحصل على دكتوراه دولة في العلوم الفيزيائية عام 1967، ويفتح الباب أمام جيل جديد من العلماء الجزائريين.

وبعد نجاحه في اجتياز امتحان شهادة البكالوريا التحق الأخير بكلية الطيران، وهو في الـ17 من عمره.

رائد الإعلام الآلي في الجزائر

لم يكتف البروفيسور منتالشتة بإنجازاته الأكاديمية، بل سعى إلى نقل الجزائر إلى مصاف الدول الرائدة في مجال الإعلام الآلي.

وفي سنة 1969، وبفضل رؤيته الطموحة وعلاقته المباشرة مع الرئيس الراحل هواري بومدين، اقترح إنشاء مركز الدراسات والبحث في الإعلام الآلي (CERI)، الذي تطور لاحقا ليصبح المدرسة الوطنية للإعلام الآلي (ESI).

ولم يكن هذا المشروع مجرد مؤسسة تعليمية، بل تحول إلى قطب علمي ساهم في تكوين آلاف الطلبة، ليس فقط من الجزائر، بل من مختلف الدول الإفريقية والمغاربية، ليكونوا رواد في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية.

الرجل الذي ربط الجزائر بالعالم الرقمي!

في وقت كانت فيه دول شمال إفريقيا تسعى جاهدة للحصول على اتصال بالإنترنت، كان للبروفيسور منتالشتة دور محوري في تحقيق هذا الإنجاز.

ففي عام 1993، عمل على ربط الجزائر بشبكة الإنترنت عبر خط يربط بين مركز “بيزا” في إيطاليا والمدرسة الوطنية للإعلام الآلي، مما جعل الجزائر من أوائل الدول الإفريقية التي ولجت العصر الرقمي.

رؤية ثاقبة للمواهب الجزائرية في الخارج

لم يكن البروفيسور منتالشتة مجرد عالم، بل كان صاحب رؤية عميقة حول كيفية استثمار العقول الجزائرية في الخارج.

فقد أكد أن الباحثين الجزائريين المغتربين قلوبهم ما زالت متعلقة بوطنهم، وأن الاستفادة منهم لا تكون فقط بإعادتهم، بل بخلق جسور تواصل دائمة تتيح لهم المساهمة في تطوير الجامعات الجزائرية.

والجدير بالذكر، أن البروفيسور يوسف منتالشتة قد ترك بصمة خالدة في تاريخ الجزائر العلمي، وكان نموذجا مضيئا للعالم الجزائري الذي جعل من شغفه وعلمه سلاحا لنهضة بلاده.

@ آلاء عمري