سي امحمد بن رحال: أول جزائري ينال البكالوريا!

يبرز اسم العلامة سي امحمد بن رحال في تاريخ الجزائر الحافل بالنضال والتحدي، كأحد رموز العلم والمعرفة، فهو أول جزائري يتحصل على شهادة البكالوريا عام 1874، ليصبح بذلك نموذجا ملهما للأجيال اللاحقة.

ولم يكن تفوقه الأكاديمي مجرد إنجاز شخصي، بل كان خطوة أولى في معركة طويلة خاضها الجزائريون لنيل حقهم في التعليم والمعرفة خلال الحقبة الاستعمارية.

مسيرة علمية متميزة رغم التحديات

ولد سي امحمد بن رحال، المعروف أيضا باسم سي أمحمد بن رحال الندرومي، في 16 ماي 1858 في مدينة ندرومة بولاية تلمسان ، في فترة كانت فيها الجزائر تحت وطأة الاستعمار الفرنسي. ونشأ في أسرة مرموقة، حيث كان والده حاج حمزة قاضيا.

بدأ تعليمه بحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة الرسمية الأولى المزدوجة اللغة في ندرومة التي افتتحت أبوابها عام 1865.

بعد ذلك انتقل إلى الجزائر العاصمة لمواصلة تعليمه في ثانوية الإمبراطورية، حيث حصل على شهادة البكالوريا عام 1874 وهو في السادسة عشرة من عمره، ليكون بذلك أول جزائري ينال هذه الشهادة في ظل ظروف استثنائية.

كان تفوقه الأكاديمي بوابة أمامه لمواصلة مسيرته العلمية، حيث التحق بمؤسسات تعليمية مرموقة واستمر في تحصيل المعرفة.

وفي عام 1876، عين في منصب خليفة أغا، ثم تولى قيادة ندرومة كقائد عام 1878. لم يكن مجرد طالب متفوق، بل كان رمزا للصمود والتحدي، وأثبت أن الجزائري قادر على مجابهة كل الصعوبات إذا أتيحت له الفرصة.

إرث خالد للأجيال القادمة

فتح بن رحال الباب أمام آلاف الشباب الجزائريين للالتحاق بمقاعد الدراسة والسعي وراء المعرفة.

فقد كان نجاحه صفعة قوية للاستعمار الذي حاول تصوير الجزائريين على أنهم غير قادرين على مجاراة التعليم الفرنسي.

وبفضل ريادته، برزت لاحقا نخبة جزائرية متعلمة قادت البلاد بعد الاستقلال وأسهمت في بناء الدولة الحديثة.

لم يكن سي محمد بن رحال مجرد طالب متفوق، بل كان رمزا لنهضة علمية مبكرة، أظهرت للعالم أن الجزائريين متعطشون للعلم رغم كل العراقيل وأن اسمه سيظل محفورا في سجل التاريخ كأول من كسر الحواجز التعليمية وعبّد الطريق لأجيال من الطلبة الذين ساروا على دربه.

العلم سلاح التحرر

إن قصة سي محمد بن رحال تذكرنا بأن المعرفة والتعليم هما أساس أي نهضة حقيقية، حيث كان نجاحه شهادة حية على أن الجزائريين قادرون على التفوق رغم محاولات التهميش.

اليوم، وبعد عقود من إنجازه التاريخي، يبقى اسمه مصدر فخر واعتزاز لكل جزائري، ودليلا على أن الإرادة تصنع المستحيل، وأن العلم سيظل دائما أقوى أسلحة التحرر.

@ آلاء عمري